المسوغ النفسي المنطقي وراء إنكار وجود الله


هيا محمد عيد

المقال مترجم الى : English
يلخص الروائي والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي بإيجاز العواقب المعنوية والنفسية التي تترتب على الفكر الرافض لوجود إله بقوله: "إذا دمرت في البشر الإيمان بالخلود، فسرعان ما سيجف ليس فقط الحب ولكن كل قوة حية تحافظ على استمرارية حياتهم في هذا العالم. أكثر من ذلك، لن يكون هناك شيء منافيًا للأخلاق، سيكون كل شيء مشروع، حتى أكل لحوم البشر ".

على الرغم من أن وجود الله أمرًا واضحًا، لا يفتقر إلى دليل مقنع وحاسم لتصديقه، إلا أن إنكار وجود الله عز وجل بحجة عدم القدرة على رؤيته لا يروي القصة بأكملها. التصريح للإنسان بإن يفعل كل ما يحلو له، دون الإحساس بالذنب، لا يمكن أن يحصل إلا في عالم ليس فيه قانون أخلاقي – عالم ليس فيه إله.

في كتابه اعترافات مفكر محترف حر (Confessions of a Professional Free-Thinker)، صرح ألدوس هكسلي (Aldous Huxley) بأن العديد من الملحدين هم كذلك لأسباب أخلاقية، وليس لأسباب فكرية:

كان لدي أسباب وراء عدم رغبتي في أن يكون للعالم معنى، ولذلك افترضت أن العالم ليس له معنى. واستطعت بسهولة العثور على أسباب مرضية لهذا الافتراض ... بالنسبة لي، ولمعظم جيلي بلا شك، كانت فلسفة اللا معنى أداة للتحرر من نظام أخلاقي معين. فقد عارضنا المبادئ الأخلاقية لتدخلها في حريتنا الجنسية.

وفقًا لاعترافات هكسلي، ما يكمن في قلب الإلحاد ليس رفض وجود الله عز وجل، بل الاختيار والقرار بعدم الخضوع إليه وطاعته.

هذا ما يؤكده القرآن الكريم في قوله تعالى:

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا

(النحل 16: 83)

الكفر في اللغة هو ستر وإخفاء وتغطية لشيء موجود فعلًا، وحقيقة ثابتة يحاول الكافر انكارها. فكل إنسان يعلم وجود الله تعالى بفطرته، وعقله يدرك وجود الله تعالى (بالدليل العقلي الذي وضعه الله داخل الإنسان وفي الكون المحيط به). يقول الشيخ نديم الجسر: "فكرة وجود الله لا تحدث تناقضًا عقليًا، بل الذي يحدث التناقض العقلي هو نفي هذه الفكرة.“ الإلحاد ليس مسألة عدم معرفة. بل مسألة مكابرة، كما بين المفكر مصطفى محمود، الإلحاد في حقيقته موقف اختياري نفسي (وليس عقلي) لا يرغب في تصور وجود قوة فوق الإنسان تأمره وتنهاه، وأنه مكلف ومسؤول ومحاسب عما يقع منه .

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ المسوغ النفسي المنطقي وراء إنكار وجود الله