التعقيد المذهل في بناء الخلية الحية
• كانت الخلية في عهد داروين ومعاصريه لا تزيد عن كونها بقعة سوداء تحت المجهر الضوئي البسيط (simple light microscope)، وهو أول مجهر استُخدِمَ في دراسة الخلية، ويتكون من عدسة زجاجية واحدة محدبة الوجهين، وقوة التكبير فيه لا تزيد عن 25 مرة.
• لذلك، بسبب دراسة يعوقها الافتقار إلى الأدوات اللازمة والمتطورة لرؤية التفاصيل الصغيرة والهامة في بنية الخلية التي وفرها المجهر الإلكتروني الحديث (modern electronic microscope)، والذي يصل قدرته في التكبير إلى مليوني مرة، خلص داروين إلى الاستنتاج بأن الخلية مادة هلامية بسيطة – مجرد كرة من البروتوبلازم. ولم يتخيل داروين قط التعقيد المذهل والمعلومات المتشابكة الموجودة في أبسط خلية حية.
• أظهرت الاكتشافات العلمية اللاحقة أن الخلية لم تكن بالونًا مملوءًا بالسوائل كما اعتقد داروين، ولكن بنية معقدة غير قابلة للاختزال* (irreducible complexity) تتكون من آلات بيولوجية صغيرة عالية التقنية. قال عالم الأحياء الألماني لودفيغ فون بيرتالانفي (Ludwig Von Bertalanffy): "إن الفهم المفصل للتنظيم الفيزيائي الكيميائي في أبسط الخلايا يفوق قدرتنا بكثير".
• اعترف بيل جيتس (Bill Gates)، مؤسس شركة مايكروسوفت (Microsoft)، بمحدودية لغة الكمبيوتر مقارنةً بقدرة الخلية على تخزين البيانات الحية واستخدامها، قائلًا: "إن الحمض النووي البشري يشبه برنامج الكمبيوتر، ولكنه أكثر تطورًا بكثير من أي برنامج صنعناه".
• عبر عالم الأحياء الجزيئية مايكل دنتون (Michael Denton) عن دهشته من مدى تعقيد الخلية الحية قائلًا: "أثبتت البيولوجيا الجزيئية أنه حتى أبسط النظم الحية على الأرض اليوم، ألا وهي الخلايا البكتيرية، هي أجسام معقدة للغاية. على الرغم من أن أصغر الخلايا البكتيرية صغيرة جدًّا بشكل لا يُصدَّق، وتزن أقل من 10-12 جرامًا، إلا أن كل واحدة منها هي في الواقع مصنع مُصغَّر حقيقي يحوي آلاف القطع المصممة ببراعة من الآلات الجزيئية المعقدة، المؤلفة كليًّا من مئة ألف مليون ذرة، وهي أكثر تعقيدًا بكثير من أي آلة صنعها الإنسان، وبالـتأكيد لا مثيل لها في العالم غير الحي ".
المراجع
- " تعقيد غير قابل للاختزال ": هو أي نظام متكامل مكوَّن من عدة أجزاء مركبة، تعمل بتفاعل وتناغم تام مع بعضها البعض؛ لتقوم بوظيفة محددة، وعند إزالة أي جزء من أجزائه يتوقف فعليًّا عن العمل؛ ومن ثم لا يمكن للخلية أن تتطور تدريجيًّا، بل يجب أن تُخلَق مباشرةً على صورتها الحالية.
