في طريقه نحو الحياة المطمئنة التي دفعته فطرته تجاهها، كان يعلم أن الاستقامة هي كلمة الفصل، فنهض مخاطبا ذاته بكل قوة كما لم يفعل من قبل فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ في تلك اللحظة اجتاحته رغبة عظيمة ليغير، ليمسك حبل الحياة بيده ويوجهها وفق النهج القويم والصراط المستقيم، أيقن أن مفتاح الانتصار بيده وفي داخله، هنا أعلن اعترافه بنقطة ضعفه فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ متوجها بهذه الكلمة إلى صاحب القوة، ها أنا أعترف بالألم وأرغب بالخلاص، ليقع على قلبه قوله تعالى: "وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا" كالماء البارد، يطفئ لهيب ألمه، ويشعل شرارة إرادته، أن علمني يارب! وستجدني كما تحب وتشاء، أخذ الأسباب كلها عالج سببا فأَتْبَعَ سَبَبًا حتى بدت معالم عدوه ظاهرة وسبل نجاحه واضحة، كان قويا مؤمنا لا يعرف لليأس وجها، واثقا أن خطواته لن تضيع وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفََ يُرَى فالأجر على قدر المشقة، وحين بلغ القمة فرح بانتصاره وحمد اللطيف لنجاحه، لكنه بقي حذرا متيقظا، يرسم نهاية مشرقة لطريقه الطويل، نهاية الذي لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّه ثبت، فما زلّ ولا انتكس.
للتحميل من هنا