هل تسبب الدين في الحروب الدينية التي سادت الأرض في فترة من الفترات؟
30- هل تسبب الدين في الحروب الدينية التي سادت الأرض في فترة من الفترات؟
عاشت البشرية مع شرائع التوحيد آلاف السنين، ومع الشرائع الإبراهيمية الثلاث الكبرى أربعة آلاف سنة، ولم يمثل الدين خطراً مباشراً على الجنس البشري بل قدم للبشرية قيماً أخلاقيةً عليا يتفق عليها المؤمن والملحد، وأسس لحضاراتٍ أصيلة، بل يمكم أن نزعم أن كل خير في الأرض هو من آثار تلك النبوات!
فقد أراح الدين المحاكم من آلاف القضايا، وفوق كل هذا وذاك وضع الدين الأساس المعرفي والسلوكي والقيمي لغاية الوجود الإنساني على الأرض!
والدول التي احتضنت الشرائع التوحيدية ما زالت إلى اليوم تملك تنوعاً تقافياً أبقى على المخالفين لهم ووفر لهم سقف حماية بموجب الشرائع التوحيدية ذاتها.
في حين أن قرن واحد اقتربت فيه بعض الدول من الإلحاد كانت البشرية كلها على شفير هلاك!
ثم يأتي الآت الملاحدة ويحدثونا عن خطر الدين على البشرية!
فلم يعرف التاريخ البشري منهجاً أخطر من الإلحاد، فلم تكن مذابح الكولاج في الإتحاد السوفيتي السابق على يد الملحد لينين، وإبادة الأقليات الأثنية في ألمانيا النازية، وتفريغ ربع سكان كمبوديا من البشر على يد الملحد Pol Pot، وقتل 52 مليون صيني في الثورة الثقافية الكبرى على يد الملحد ماو تسي تونج Mao Zedong، وظهور رابطة الملحدين العسكرية League of Militant Atheists في أوربا والتي أغلقت رسمياً 42 ألف مؤسسة دينية – كنائس ومساجد –، وقتلت عشرات الآلاف من المتدينين، إلا إفرازات إلحادية صرفة.
بل أن الحربين العالميتين الأولى والثانية كانتا حروباً علمانية – علمانية، تحكمهما نصورات إلحادية للأجناس البشرية وخرافات السعي نحو النقاء العرقي، فكانت النتيجة إبادة قرابه 5% من سكان العالم وأرجعت كلاً من المنتصر والمهزوم ثلث قرن إلى الوراء، وقام الفلاسفة بوضع مبولة في وسط باريس كناية عن نهاية الحضارة.
وخلفت المعارك الإلحادية ترسانات من الأسلحة النووية تكفي لإزالة الجنس البشري كله مراتٍ عديدة.
إن قراءة بسيطة لحروب القرن العشرين تُظهر مدى بؤس الإلحاد.
فقد خلف الإلحاد ورائه فكرة أن زوال الجنس البشري في أية معركة قادمة هي فكرة قائمة، هذا هو الإفراز الإلحادي المتوقع.
31- لكن ألا يوجد الرق أو السبي في الجهاد الإسلامي؟
الاسترقاق في الإسلام بعكس الثقافات الرومانية القديمة وبعكس التدليس العلماني المعاصر.
الاسترقاق في الإسلام رحمة بالمرأة.
لأن المرأة التي جائت في جيش العدو وتريد استئصال شأفتك لا يجوز لك أن تقاتلها.
فالمرأة لا تُقتل – إلا لو باشرت قتلك –، لأن الإسلام لا يُجيز لك قتل النساء ولا الصبيان.
ولا يجيز كذلك قتل الشيوخ ولا أصحاب الحرف ولا الرهبان.
مع أن هؤلاء جميعاً جاؤوا في جيش العدو وفي ساحة المعركة، ومع ذلك لا يجوز التعرض لأحدٍ منهم إلا لو باشر قتلك بيده.
فمن رحمة الإسلام بالمرأة أنها لا تُقتل – لأنها ضعيفة ولا تباشر قتل المسلمين في الغالب – بل تُسبى.
والمرأة تُسبى حتى يتم فدائها بأسيرات المسلمين أو العفو عنها وإعادتها للعدو بلا مقابل
{ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } (سورة محمد: 4)
ولاحظ قوله تعالى: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، يعني في أرض المعركة، ولاحظ إما منا بعد/ أي تمُن عليها بأن تُطلق سراحها بلا مقابل، وإما فداء: أي تفديها بالمسلمات اللاتي أسرهن العدو.
لكن هل يجوز نكاح المسبية؟
لا يجوز وطء المشركات، وهذا الذي عليه جماهير أهل العلم، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، قال ابن قدامة في المغني: "أم من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات وسائر الكوافر سوى أهل الكتاب لا يباح وطء الإماء منهن بملك اليمين".
وقال ابن عبد البر: "على هذا جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء وما خالفه فشذوذ".
قال النووي: "المسبية من عبدة الأوثان وغيرهم من الكفار الذين لا كتاب لهم لا يحل وطؤها بملك اليمين حتى تسلم، فما دامت على دينها فهي محرمة".
فلو كان الأمر شهوة، ما حُرم وطء المشركة.
بل إذا قام أحد المسلمين باغتصاب مسبية سواءً كانت مشركة أو غير مشركة أُقيم عليه حد الزنا.
ولو كانت المسبية من غير المشركين فلها صورة عقد نكاح، تختلف عن عقد نكاح الزوجة، فالزوجة لها شرط الاختيار فيمن يتقدم لها، أما امرأة مقاتلة جائت مع جيش العدو وتم سبيها فهذه ليس لها شرط اختيار من يتقدم لها.
هذا غاية ما في مسألة الرق والسبي.