ما هو الرأى الراجح من آراء العلماء
وقد اختلف السلف في أيهما أرجح فروى البيهقي من طريق أبي الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري أن مسلما قال : حديث أبي موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحه ، وبذلك قال البيهقي وابن العربي وجماعة ، وقال القرطبي : هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره ، وقال النووي : هو الصحيح بل الصواب ، وجزم في " الروضة " بأنه الصواب ورجحه أيضا بكونه مرفوعاً صريحاً وفي أحد الصحيحين .
وذهب آخرون إلى ترجيح قول عبد الله بن سلام ، فحكى الترمذي عن أحمد أنه قال : أكثر الأحاديث على ذلك ، وقال ابن عبد البر : أنه أثبت شيء في هذا الباب ، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن : أن ناساً من الصحابة اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة ، ورجَّحه كثير من الأئمة أيضا كأحمد وإسحاق ، ومن المالكية الطرطوشي ، وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني - شيخ الشافعية في وقته - كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي . " فتح الباري " 2 / 421 .
وفي غير ما سبق من الأحاديث ما يؤيد أنها بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس .
عن أنس بن مالك : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
«التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس » .
رواه الترمذي 489 .
والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي 406 .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي فيسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه إياه» .
قال أبو هريرة : فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له هذا الحديث . فقال : أنا أعلم بتلك الساعة .فقلت : أخبرني بها ولا تضنن بها علي .
قال : هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس فقلت كيف تكون بعد العصر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي »
، وتلك الساعة لا يصلى فيها فقال عبد الله ابن سلام أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة»
؟ قلت : بلى . قال : فهو ذاك .
والحديث : صححه الإمام الترمذي والشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " 407 .
ومعنى قوله " أخبرني بها ولا تضنن بها عليَّ " : أي : لا تبخل بها علي .
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
هذا هو الوقت الذي رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء في يوم الجمعة ، ولكن هذا لا يعني أن المسلم لا يدعو ربه في يوم الجمعة إلا بهذا ، بل يسن الدعاء في كل يوم وساعة وفي يوم الجمعة غير أن الساعة المذكورة من يوم الجمعة له خصيصة .