عموم الإيمان حال انفراده


الشيخ محمد حسان

 الحالة الأولى: إذا ذكر لفظ الإيمان مفرداً، دون أن يقترن بلفظ الإسلام, فالإيمان في هذه الحالة شأنه كشأن الإسلام يراد به الدين كله، أصوله وفروعه من الاعتقادات والأقوال والأفعال -كما قلت ذلك في معنى الإسلام إذا أفرد- والدليل على ذلك من القرآن قول الله جل وعلا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]. وكما في قول الله جل وعلا: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257] ويوضح ذلك المعنى أوضح بيان حديث وفد عبد القيس الذي رواه البخاري و مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لما وفَدَ وفْد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم الرسول بالإيمان، وقال لهم: (أتدرون ما الإيمان؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال عليه الصلاة والسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمساً من المغنم). هذه هي أركان الإسلام التي حفظناها يبينها النبي صلى الله عليه وسلم ويجعلها أركاناً للإيمان في هذا الحديث؛ لأن الإيمان أطلق وحده دون أن يقترن بذكر الإسلام، فهو حينئذٍ يراد به أيضاً الدين كله؛ أصوله وفروعه من الاعتقادات والأقوال والأفعال, ويوضح ذلك -أيضاً- أوضح بيان الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وستون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). وهكذا أيها الأحباب: اعلموا جيداً أن هذا هو الذي قصده سلفنا الصالح حينما يذكرون في كتبهم: إن الإيمان اعتقاد وقول وعمل, وأن الأعمال تدخل جميعها تحت مسمى الإيمان, ولقد أنكر علماء أهل السنة والجماعة إنكاراً شديداً على من أخرج الأعمال من مسمى الإيمان، وهذا هو الذي أراده الإمام البخاري رحمه الله في الصحيح، حيث بوب في صحيحه أبواباً تحت هذا العنوان ..

باب أمور الإيمان ..

ثم قال: باب الصلاة من الإيمان ..

باب الحياء من الإيمان, باب اتباع الجنائز من الإيمان, باب حب الرسول من الإيمان..

وهكذا. فإن علماء السلف أنكروا إنكاراً شديداً على من أخرج الأعمال من مسمى الإيمان, فإذا قرأت لعالم من علماء السلف كـأبي حنيفة مثلاً، الذي لم يُفهَم قوله أنه يقول: بأن الإيمان اعتقاد وقول وعمل, فاعلم علم اليقين بأنهم يدخلون جميع الأعمال في مسمى الإيمان، والإيمان يقصد به في هذه الحالة الدين كله، أصوله وفروعه من الاعتقادات والأقوال والأفعال. وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يرسل إلى الأمصار ويقول: [إن الإيمان فرائض وشرائع، فمن استكملها فقد استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان] رواه البخاري تعليقاً. هكذا أيها الأحباب إذا أطلق لفظ الإيمان وحده، دون أن يقترن بلفظ الإسلام، فإن الإيمان في هذه الحالة يراد به الدين كله. هذه هي الحالة الأولى لمرتبة الإيمان. 

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ عموم الإيمان حال انفراده

  • الله جل جلاله موجود

    د. عبدالله بن محمد آل يحيى الغامدي

    يجب الاعتقاد الجازم بوجود الله، وأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق وحده، المدبر للكون كله، وأنه هو الذي يستحق

    11/07/2020 2010
  • أركان الإيمان بالأسماء الحُسنى

    سعيد بن علي بن وهف القحطاني

    1-  الإيمان بالاسم. 2-  الإيمان بما دل عليه الاسم من المعنى. 3-  الإيمان بما يتعلق به من

    26/11/2009 19679
  • الإيمان قول وعمل واعتقاد

    فريق عمل الموقع

    أجمع أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل، أو قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. قال الشافعي رحمه الله:

    30/11/2023 440
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day