طلب المؤمنين العفو من الله
العفو من أعظم مطالب المؤمنين، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ويأمر أصحابه أن يدعوا بذلك. فكان يسأل الله تعالى العفو والعافية، كما في دعائه عليه الصلاة والسلام المحفوظ: {اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي} وكما كان في وصيته لـعائشة رضي الله عنها لما سألته: {إن علمتُ ليلةَ القدر أي ليلة هي، ما أقول؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني}. وقد ذكر الله تعالى العفو في مواضع كثيرة جداً من القرآن الكريم، وأنه يعفو عن عباده، وعفا عن طائفة كبيرة منهم ممن تاب إليه وأناب، وأن العفو من صفاته والعَفُوَّ من أسمائه. وأما القدرة فلعله سبق الإشارة إليها، وأن من أسمائه (القدير) والقدرة من صفاته فهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].
والمعنى: أن الله تعالى مع قدرته -وهو السر في جمع الاسمين والله أعلم- أن الله مع قدرته على أخذ الظالمين والانتصار منهم وإنـزال العقوبة بهم إلا أنه لا يعاجلهم بالعقوبة بل يمهلهم، وقد يعفو عنهم أو عن بعضهم، يعفو عمن يشاء والعفو عنهم برحمته وفضله جل وعلا، ففي هذه الآيات إثبات صفة العفو والقدرة وإثبات اسم (العفو) و(القدير).