العابد هو الذي يتقلب بين الخوف والرجاء


عمر سليمان الاشقر


العبادة الحقة هي التي يتقلب صاحبها بين حب الله ، والخوف منه والتذلل له ، ورجائه والطمع في رحمته .
فالعابد لا حباً ولا خوفاً ولا رجاءً إنما يؤدي حركات جوفاء لا تعني بالنسبة له شيئاً .

 
والعابد حباً بلا تذلل ولا خوف ولا رجاء كثيراً ما يقع في الذنوب والمعاصي ، فيزعم أنه يحب الله ويترك العمل ويتجرأ على الذنوب ، وقديماً زعم قوم حب الله من غير عمل فاختبرهم الله بقوله: ( قل إن كنتم تُحبُّون الله فاتَّبعوني يُحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] فمن ادعى محبة الله ولم يكن متبعاً رسوله فهو كاذب .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى : " إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ، ويطير في الهواء فلا تصدقوه حتى تعلموا متابعته لرسول الله " .


وكذلك الرجاء وحده إذا لم يقترن بخوف الله وخشيته فإن صاحبه يتجرأ على معاصي الله ، ويأمن مكره :( فلا يأمنُ مكر الله إلاَّ القومُ الخاسرون ) [الأعراف : 99] .
وكذلك الخوف إذا لم يقترن بالرجاء فإن العابد يسوء ظنه بالله ، ويقنط من رحمته ، وييأس من روحه ، وقد قال تعالى : ( إنَّه لا يَيْأَسُ من رَّوح الله إلاَّ القوم الكافرون ) [يوسف : 87] .


فالعبادة الحقة هي التي يكون صاحبها بين الخوف والرجاء ( ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) [الإسراء : 57] ، ( أمَّن هو قانت آنَاء الَّليل ساجداً وقائِماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) [ الزمر : 9 ] كما يكون بين الرغبة والرهبة كما قال تعالى في آل زكريا عليهم السلام : ( إنَّهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) [ الأنبياء : 90 ] .


فالعبد الصالح تارة يمده الرجاء والرغبة ، فيكاد يطير شوقاً إلى الله ، وطوراً يقبضه الخوف والرهبة فيكاد أن يذوب من خشية الله تعالى ، فهو دائب في طلب مرضاة ربه مقبل عليه خائف من عقوباته ، ملتجئ منه إليه ، عائذ به منه ، راغب فيما لديه .

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ العابد هو الذي يتقلب بين الخوف والرجاء

  • الخوف من النفاق

    فريق عمل الموقع

    المحمود من الخوف من النفاق، هو الخوف الذي يدفع نحو الاجتهاد في العمل الصالح، فإذا خاف العبد من الرياء أثناء

    30/08/2023 514
  • الجمع بين الخوف والرجاء والحب ، أنواع الرجاء

    محمد بن ابراهيم الحمد

    الجمع بين الخوف والرجاء والحب: لابدّ للعبد من سيره إلى الله من الجمع بين الأركان الثلاثة؛ فالحب بمنزلة

    26/09/2010 10104
  • أيهما يُغلَّب: الخوف أم الرجاء ؟

    محمد بن ابراهيم الحمد

    أيهما يُغلَّب: الخوف أم الرجاء ؟ قال ابن القيم: السلف استحبوا أن يُقَوِّي في الصحة جناح الخوف على جناح

    26/09/2010 8530
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day