الإيمان باليوم الآخــر
ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون للموت من سكرات، ومما يكون من فتنة القبر وعذابه أو نعيمه. فالناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد نبي، وأما المرتاب فيقول: هاه! هاه! لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت، فيضرب بمزربة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق، ثم بعدها إما نعيم وإما عذاب حتى تقوم القيامة، فتعاد الأرواح إلى الأجساد ( العقيدة الواسطية، للإمام أحمد بن تيمية، ص52 ).
ويوم القيامة كما أخبرنا ربنا في القرآن وعلى لسان نبيه محمد ﷺ حيث يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً، وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق، فتنصب الموازين لتوزن بها الأعمال، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، وتنشر الدواوين «صحائف الأعمال» فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو وراء ظهره، قال سبحانه: ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا )، ويحاسب الله الخلائق، ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه، وأما الكفار فلا حسنات لهم لتوزن، ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها.
وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ﷺ، ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء طوله شهر وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا.
والصراط منصوب على متن جهنم، وهو الجسر المنصوب فوق جهنم، يمرّه الناس على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يزحف، ومنهم من يخطف خطفًا ويلقى في جهنم، فالجسر عليه كلاليب تخطف خطفًا ويلقى في جهنم، فالجسر عليه كلاليب تخطف الناس حسب أعمالهم، ومن عبر الصراط دخل الجنة. فإذا عبروه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
وأول من يستفتح باب الجنة محمد ﷺ ، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته، وله ثلاث شفاعات: اثنتان تخصانه ﷺ ، والثالثة يشفع فيمن يستحق النار، وهي له ولسائر الأنبياء والصديقين والشهداء وغيرهم. فيشفع فمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها ( العقيدة الواسطية، للإمام أحمد بن تيمية، ص57 ).