اعتراف المشركين بأن الله وحده الخالق الرازق المحيي و المميت
اعتراف المشركين بأن الله وحده الخالق الرازق المحيي و المميت :
فقد قال تعالى مؤكدًا إيمان أولئك المشركين الأولين به سبحانه وتعالى ربًّا خالقًا ورازقًا، محييًا ومميتًا، ضارًا ونافعًا – قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم في حق هؤلاء المشركين :
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) . [ العنكبوت : 61 ]
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) . [ العنكبوت : 63 ]
( قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) . [ المؤمنون : 84-89 ]
( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) . [ يونس : 31 ]
فهذه الآيات البينات – يا صاحبي – هي دليلنا الذي لا يقبل الجدل على أن المشركين الأولين ما كانوا يكفرون بوجود الله ، وما كانوا يعتقدون أن له شريكًا يشاركه التصرف في شيء من ملكه بل كانوا يوحدونه في الربوبية توحيدًا كاملاً.
فصح بهذا يقينًا، أنهم ما كانوا يلجؤون إلى أوليائهم عندما يدعونهم ليهبوا لهم حياة أو يدفعوا عنهم موتًا أو ينزلوا لهم غيثًا.
وما كانوا يتقربون إلى آلهتهم ممن اتخذوا من الأولياء ليكتبوا لهم سعادة أو يمحوا عنهم شقاء، وكيف يصدر منهم مثل هذا، وهم الذين كانوا يؤمنون إيمانًا جازمًا بأن هذا كله إنما هو من اختصاص ربهم وحده الذي بيده ملكوت كل شيء؟؟ كما قررت هذه الآيات.
فعلى ضوء هذا الدليل الدامغ، يتضح لكم بطلان هذا الشرط الهزيل الذي تتمسكون به حين تعتقدون أن من يدعو غير الله لا يكون مشركًا إلا إذا اعتقد أن الضر والنفع بيد من يدعوه كما يعتقد في الله.
ولو كان هذا الشرط صحيحًا، وما تدعونه في نظر الإسلام سليمًا لما حكم الله على أبي لهب وأبي جهل وحزبهم بالشرك؛ لأن هذا الشرط الذي تشترطونه متوفر فيهم؛ لأنهم كانوا لا يعتقدون أن الضر والنفع بيد من يدعون كما يعتقدون في الله، وقد فصل القرآن ذلك عنهم في الآيات السابقة.