أن يعمد الْمُسَيِّرِ إلى إشراك الجميع في عملية التدارس والتدبر
إلا أن من أهم الضوابط الأساسية المتعلقة بالْمُسَيِّرِ؛ في إدارة مجالس القرآن ما يأتي:
- الضابط الثامن: أن يعمد إلى إشراك الجميع في عملية التدارس والتدبر. فحضوره بالمجلس – إضافة إلى قيمته العلمية والروحية – له قيمة منهجية. فلا ينبغي له أن يتفرد بالكلام. وإنما يحرص على افتتاح المجلس لوضعه على منهجه الصحيح في اتجاه مقاصده التربوية، ثم يقوم بختمه لتصفية نتائجه من الشوائب، أو يوكل ذلك إلى من يحسنه. وما بين هذا وذاك يجعل المجلس عبارة عن لقاء حواري ومنتدى تدارسي. إذْ يجب التفريق والتمييز بين مجلس الدرس العلمي الصرف، أو الخطبة، أو المحاضرة، أو نحو ذلك؛ وبين مجلس التدارس. فالتدارس "مشاركة" كما تدل عليه صيغة (التفاعل) من عبارته. وذلك منطوق الحديث النبوي الشريف، مما سبق إيراده من قوله صلى الله عليه وسلم:
(وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم...) الحديث
سبق الحديث بنصه مخرجا.
. فالدور التربوي للمسيِّر ههنا هو أنه موجه للقضايا والأفكار، ومحرك للقلوب والمشاعر؛ عسى أن تشارك في إنتاج الخير؛ بما تتذوقه من الآيات، وما تجده من المشاعر والأحاسيس تجاهها، بعد تلاوتها وتفسيرها ومدارستها، ثم ما ترجع به من زاد إيماني بعد تَدبُّرِهَا. وذلك بمساعدة أفراد المجلس – من خلال حوار المدارسة - على التخلص من مشكلاتهم التربوية، والتخلق بحقائق الإيمان بصورة ذاتية. وما يدريك؟ فَلَرُبَّمَا رجع بعضُهم بأكثر مما رجع به هو من حقائق الإيمان واليقين! وإنما الموفَّق من وفقه الله!
- الضابط التاسع: ومن القواعد التربوية المساعدة على إشراك الجميع: الْحِرْصُ على عدم استفحال عدد الجلساء؛ حتى لا يكون جمهوراً غفيراً! إذْ هنالك وجب أن يُولَدَ مجلسٌ قرآني جديد فرع عن الأول؛ لأن الجمهور الكثير إنما تؤطره المحاضرةُ، أو الخطبةُ، أو الدَّرْسُ؛ لا (التَّدارُسُ)! فهذا إنما هو خاصٌ بِالْحِلَقِ كما تبين في النصوص السابقة! والْحَلَقَةُ لا يتصور انعقادها إلا بأعداد معقولة. وأحسب أن العدد الذي يمكن اجتماعه لانعقاد الحلقة بصورة نافعة - في منهج التدارس – هو ما لا يتعدى العشرين جليسا على الأكثر! إلا لضرورة. والمجلس المثالي هو ما لم يتعد عدد جلسائه عشرة. وأقل الجمع ثلاثة.