أقسام الرياء وأثره على العمل
أقسام الرياء وأثره على العمل
الرياء أعاذنا الله منه أقسام ودركات، ينبغي لكل مسلم أن يعرف هذه الأقسام؛ ليهرب منها وهي على النحو الآتي:
أولاً:أن يكون العمل رياء محضًا، ولا يُراد به إلا مراءاة المخلوقين، كحال المنافقين: ]وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً [([1])، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمنٍ في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة أو الحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، وهذا العمل لا شك في بطلانه، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة، والعياذ بالله.
ثانياً:أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء من أصله - أي من أوّله إلى آخره - فالنصوص الصحيحة تدل على بُطلانه وحُبوطه أيضًا.
ثالثاً:أن يكون أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء أثناء العبادة، فهذه العبادة لا تخلو من حالين:
1-أن لا يرتبط أوّل العبادة بآخرها، فأولها صحيح بكل حال، وآخرها باطل. مثل ذلك: إنسان عنده عشرون ريالاً يريد أن يتصدّق بها، فتصدق بعشرة خالصة لله، ثم طرأ عليه الرياء في العشرة الباقية، فالصدقة الأولى صحيحة مقبولة، والثانية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص.
2-أن يرتبط أوّل العبادة بآخرها، فلا يخلو الإنسان حينئذ من أمرين:
الأمر الأول:أن يكون هذا الرياء خاطرًا، ثم دفعه الإنسان ولم يسكن إليه، وأعرض عنه وكرهه، فإنه لا يضرّه بغير خلاف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم يتكلَّموا أو يعملوا))([2]).
الأمر الثاني:أن يسترسل معه الرياء ويطمئن إليه، ولا يُدافعه ويُحبّه، فتبطل جميع العبادة على الصحيح؛ لأن أولها مرتبط بآخرها، مثال ذلك من ابتدأ الصلاة مخلصًا بها لله تعالى، ثم طرأ عليه الرياء في الركعة الثانية واسترسل معه إلى نهاية صلاته، ولم يُدافعه، فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها([3]).
رابعاً:أن يكون الرياء بعد الانتهاء من العبادة([4]).
وأما إذا عمل المسلم العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلك لم يضرَّه ذلك، فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يعمل العمل لله من الخير، ثم يحمدهُ الناس عليه، فقال: ((تلك عاجل بُشرَى المؤمن))([5]).
----------------------
([1]) سورة النساء، الآية: 142.
([2]) مسلم، كتاب الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر،
1/116، برقم 127.
([3]) انظر: هذه الأقسام بالتفصيل في جامع العلوم والحكم لابن رجب، 1/79-84، وفتح المجيد، ص438، وفتاوى ابن عثيمين، 2/29.
([4]) انظر: فتاوى ابن عثيمين، 2/30.
([5]) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، 4/2034، برقم 2642.