الإحسان أعلى و أرفعُ مقاماً من العدل
الإحسان أعلى و أرفعُ مقاماً من العدل
و من هنا يتضح الارتباط الكامل بين الحسنة و الإحسان ؛ فالإحسان – كما ذكرت – شجرة ظليلة ، و ثمرات هذه الشجرة هى : الحسنات في الدنيا قبل الآخرة ، و من ثَمَّ أمر الله تبارك و تعالى بالإحسان في آيات كثيرة جدَّا في القرآن الكريم ، و قرنه بالعدل ؛ فقال تبارك و تعالى : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ " ( النحل :90).
و العدل مقامٌ رفيع ، و مع ذلك ؛ فإن الإحسان أعلى و أرفعُ مقاما منه ؛ و العدل معناه : أن يأخذ الإنسان ما له ، و يعطي ما عليه .. و الإحسان الذي هو أعلى و أجلُّ من العدل هو أن يأخذ الإنسانُ أقلَّ مما له ، و أن يعطى اكثر مما عليه ؛ فالإحسان بذلك زائد عن العدل ، و إذا كان تحرِّي العدل من الواجبات ، فإن تحرِّي الإحسان ندبٌ و تطوُّع . و هذه مرتبة أعلى ، و كلاهما مأمورٌ به كما ذكرت في قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ " ( النحل :90).
فالعدالة لابد منها لربط الأمور ، و إنصاف بعضهم من بعض ، و الإحسان مقام أعلى من العدل ، و لذلك لما سأل عمر بن عبد العزيز محمد بن كعب القُرظيِّ – رحمهما الله تعالى – قائلاً له : يا محمد ، صِفْ لى العدل ؟ قال : بخ ! سألت عن أمر جسيم ، و هنا يأمره قائلاً : كن لصغير الناس أبا ، و لكبيرهم ابناً ، و للمثل منهم اخاً، و للنساء كذلك ، و عاقب الناس على قدر ذنوبهم ، ولا تـَضْرِبنَّ في غَضبـِك سَوْطاً واحداً فتكونَ من العادين " (1)
---------------------------------
(1) أخرجه ابن أبي حاتم ، كما في " الدر المنثور " ( النحل /90)