الشيطان والوقاية منه
الدنيا دار بلاء.
قال تعالى:
{الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}
[الملك 2].
ومما ابتلى الله به عباده أن اوجد معهم الشياطين على الأرض اختبارا وابتلاءا،
{قالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}
والخطاب هنا لسيدنا آدم، وكذلك موجه لإبليس –لعنه الله -، جاء الأمر بان يهبطا من الجنة، فما حيلة آد وذريته أمام هذا الملعون العتي، فأخبرنا ربنا أنه أنزل هدى من اتبعه عصمه الله، ومن ضل عنه غوى،
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ}
وبتتبع آيات القرآن نجد وسائل للوقاية من وسوسة هذا الملعون، ليحفظنا الله من وسوسته ومكره وكيده.
1- الأمر بالاستعاذة بالله
قال اللّه تعالى:
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
[الأعراف 199]
، فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر.
ثم قال تعالى:
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
[الأعراف 200].
وقد جاء الأمر بالاستعاذة من الشيطان الرجيم في مواضع أخرى،
كما في قوله تعالى:
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّه إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}
وقال تعالى:
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم]
[فصلت 36].
وأُمِرَ بها النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة مواضع من كتاب الله، والأمر لـه أمر لأمته،
وقوله تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}
[المؤمنون97 - 98]
وقوله تعالى:
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}
[سورة الفلق]
وقوله تعالى:
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلَٰهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
[سورة الناس].
2- تقوى الله ومخافته: -
قال تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}
[الأعراف:201].
قال طلق بن حبيب عن التقوى: "أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله".
3- الإخلاص لله في سائر الأعمال وحسن العبودية لله:
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}
[الحجر:39-40].
فأخبر الشيطان بنجاة المخلصين منه.
4- الرقية الشرعية الواردة عنه صلى الله عليه وسلم: فقد ورد في الأحاديث الصحيحة
عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين: (أعيذكما بكلمات الله التامّة، من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة، ثم يقول: كان أبوكم يعوّذ بهما إسماعيل وإسحاق)
5- البعد عما يجلب الشياطين ومنها: -
- اتخاذ الصور والتماثيل في كثير من البيوت،
فقد قال صلى الله عليه وسلم
""لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب أو صورة""
وعدم دخول الملائكة يعني دخول الشياطين.
- عدم صلاة النافلة في البيت:
لقد حثنا صلى الله عليه وسلم على صلاة النوافل في البيت لقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم
""عليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"
ولنعلم بيقين أن الكون بيد الله تعالى، وأن النفع والضر بيده، فلا حافظ إلا هو، ولا كاشف للضر إلا هو ولا جالب للنفع إلا هو، فعلى كل مسلم ومسلمة أن يعتصموا بالله تعالى، ويعلقوا قلوبهم به، وإذا قدر لهم البلاء فليبادروا إلى دعائه والتضرع إليه ليكشف ما بهم من ضر.