فضل أهل الإيمان (29)
أما مبشرات الدنيا فكثيرة ومنها:
4- عند خروج الروح تبشرهم الملائكة بالجنة وتطمئنهم:
فالمؤمن أحوج ما يكون إلى البشرى عند مفارقة الحياة الدنيا واقباله على دار الجزاء والحساب.
قال تعالى: "﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عليهمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿30﴾ نَحْنُ أولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴿31﴾ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ (فصلت: 30-32).
فلا تخرج روح المؤمن من جسده حتى يبشر برحمة الله وجنته، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ أي آمنوا بالله إيمانا صادقا، وأخلصوا العمل له، ثم استقاموا على توحيد الله وطاعته، وثبتوا على ذلك حتى الممات ثم قال:﴿ تَتَنَزَّلُ عليهمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ أي تتنزل عليهم ملائكة الرحمة عند الموت وتقول لهم: لا تخافوا بما تقدمون عليه من أحوال القيامة وأمور الآخرة " ولا تحزنوا" على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال فنحن نخلفكم فيه.﴿ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ أي ابشروا بجنة الخلد التي وعدكم الله بها على لسان الرسل.
قال زيد بن أسلم- رحمه الله: "يبشرونه عند موته، وفي قبره، وحين البعث ﴿ نَحْنُ أولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ أي" تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن أولياؤكم أي: قرنائكم في الحياة الدنيا نسددكم، ونوفقكم، ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس وحشتكم في القبور وعند النفخ في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم، ونوصلكم إلى جنات النعيم ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ﴾ أي في الجنة من جميع ما تختارون مما تشتهيه النفوس وتقر به العيون. ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ أي مهما طلبتم وجدتم، وحضر لكم ما اخترتم ﴿نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾ أي ضيافة وعطاء، وإنعاماً من غفور لذنوبكم، رحيم رؤوف حيث غفر وستر ورحم ولطف. (انظر مختصر تفسير ابن كثير 3/298)