فضل أهل الإيمان (26)
فضل أهل الإيمان :
31- أهل الإيمان يثبتهم الله على الحق في الدنيا والآخرة:
في حديث رواه البخاري"...أن هرقل سأل أبا سفيان بن حرب في مدة هدنة النبي ﷺ مع قريش: أيرتد أحدٌ منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا. قال: وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب....".
قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (إبراهيم:27).
نقل ابن كثير في تفسيره 2/552 عن طاووس- رحمه الله- أنه قال:
" وقوله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ " قال: لا إله إلا الله " وفي الآخرة " المسائلة في القبر، وقال قتادة أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح " وفي الآخرة " في القبر وكذا روي عن غير واحد من السلف.
كما جاء عند البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:" إذا المؤمن اتى (أي في قبره) ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾.أهـ
وأخرج البخاري ومسلم من حديث أسماء رضي الله عنها قالت: " خسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فدخلتُ على عائشة وهي تصلي، فقلتُ: ما شأن الناس يصلون؟ فأشارت برأسها إلى السماء، فقلت " آية؟ قالت: نعم، فأطال رسول الله القيام جدا حتى تجلاني الغشي (1)، فأخذت قربة من ماء إلى جنبي فجعلت أصب على رأسي أو على وجهي من الماء. قالت" فانصرف رسول الله ﷺ وقد تجلت الشمس. فخطب رسول الله ﷺ الناس. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " أما بعد ما من شيء لم أكن رأيته إلى قد رأيته في مقامي هذا. حتى الجنة والنار. وإنه قد أوحي إليّ أنكم تُفتنون في القبور قريبا – أو مثل – فتنة المسيح الدجال لا أدري أي ذلك قالت أسماء – فيؤتي أحدكم فيُقُال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن فيقول: هو محمد هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وأطعنا. ثلاث مرارٍ، فيقال له: نم. قد كنا نعلم أنك لتومن به فنم صالحا، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شئيا فقلت" .
وأخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله ﷺ جنازة فقال رسول الله ﷺ " يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا دُفن الانسان فتفرق عنه أصحابه جاءه ملكٌ في يده مطراق، فأقعده وقال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول صدقت ثم يُفتح له باب إلى النار فيقول: هذا كان منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقول له: اسكن ويفسح له في قبره، وإن كان كافراً أو منافقًا، يقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري سمعتُ الناس يقولون شيئا فقلت، فيقول: لا دريت ولا تليت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقول: هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت فإن الله عز وجل أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم إلا الثقلين، " فقال بعض القوم: يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هبل (2) عند ذلك. فقال رسول الله ﷺ: ﴿ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (إبراهيم:27).
(قال ابن كثير- رحمه الله- في" تفسيره 2/552": اسناده حسن لا بأس به)
- - - - - - - - - - - - - -
(1) الغشي : طرف من الاغماء، تجلاني الغشي أي أصابني طرف من الاغماء وعلاني مرض قريب من الاغماء لطول الوقوف.
(2) هبل: فقد عقله.