تعلم الآيات والعمل بها


مجدي الهلال

لكي يقوم القرآن بدوره الأساسي معنا في التذكرة والتوجيه، والاستقامة على الصراط المستقيم، والقرب الدائم من الله عز وجل، لابد لنا من أن نسلم له قيادنا، و أن نحسن الاستماع إلى توجيهاته، والعمل به قدر المستطاع.

والوسائل السبع السابقة من شأنها أن تدخلنا إلى دائرة تأثير القرآن - بفضل الله وتهيئنا الحسن استقبال توجيهاته، والعمل بمقتضاها، ولكن القارئ لن يستطيع من خلالها أن يتوقف عند كل آية يقرؤها ليعرف من خلالها المطلوب عمله منها، وإلا ما تجاوزت قراءته بضع آيات في اليوم الواحد.

نعم يكفيه التغيير الذي تُحدثه الآيات التي يتلوها في تصوراته، والإيمان الذي يزيد في قلبه، والطاقة التي تتولد داخله وتدفعه للقيام بأعمال البر المختلفة.

ومع هذا كله كانت الوسيلة الثامنة التي إن استخدمناها حسن انتفاعنا بالقرآن، ألا وهي تعلم الآيات وحفظها والعمل بها، وذلك بالتوازي مع الوسائل السابقة فكما أننا نخصص وقتا يوميا لتلاوة القرآن علينا كذلك أن نخصص وقتا آخر بين الحين والحين، ولو مرة كل أسبوع، نتعلم فيه بضع آيات من القرآن ثم نجتهد في حفظها، والعمل بما دلت عليه من خُلق وسلوك، أو ما اشتملت عليه من أوامر ونواه، ولا ننتقل إلى غيرها إلا بعد التأكد من ممارسة العمل بما في تلك الآيات... وهذا ما كان يفعله الصحابة رضوان الله عليهم.

يقول أبو عبد الرحمن السلمي: إنها أخذنا القرآن من قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخرى حتى يعملوا ما فيهن من العمل. قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعا، وأنه سيرث القرآن من بعدنا قوم يشربونه شرب الماء، لا يجاوز هذا.. وأشار إلى حنكه ). وتكمن أهمية هذا الأثر في أن صاحبه وهو ليس من الجيل الأول، بل هو من التابعين، ينقل لنا الطريقة التي كانت سائدة بين الصحابة في حفظهم لآيات القرآن وبعد أن اكتمل نزوله.. فهذا عمر بن الخطاب ظل يتعلم ويحفظ في سورة البقرة اثنتي عشرة سنة، فلما أتمها نحر جزورا، وهذا ابنه عبد الله يتعلمها في ثماني سنين ))


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ تعلم الآيات والعمل بها

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day