فضل أهل الإيمان (25)
فضل أهل الإيمان :
29- أهل الإيمان هم أولياء الرحمن يخرجهم من الظلمات الى النور:
قال جل وعلا: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أولِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ (البقرة 257).
وتأمل – رحمك الله – في إفراده لكلمة النور وجمعه للظلمات.
يقول ابن القيم- رحمه الله- في" بدائع الفوائد:1/119": "ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق الباطل، والنور بمنزلة طريق الحق بل هما، أفرد النور وجمعت الظلمات، وعلى هذا جاء قوله: ﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ (البقرة: 257) ، فوحد ولي الذين آمنوا وهو الله الواحد الأحد، وجمع الذين كفروا لتعددهم وكثرتهم، وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغي وكثرتها واختلافها، ووحد النور وهو دينه الحق وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه سواه". أهــ
لقد سبق هذه الآية في سورة البقرة قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عليمٌ ﴾ (البقرة: 256).
فذكر في هذه الآية الأساس، ثم ثنى بالثمرة، فأخبر تعالى أن الذين آمنوا بالله وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، ولأنه وليهم يتولاهم بولايته الخاصة، ويتولى تربيتهم فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والمعاصي والغفلة إلى نور العلم واليقين والإيمان والطاعة والإقبال الكامل على ربهم، وينور قلوبهم بما يقذفه فيها من نور الوحي والإيمان.
30- أهل الإيمان يفرحون بالطاعة ويحزنون ويتألمون لفعل المعصية:
فقد أخرج الإمام أحمد وابن حبان والطبراني في الكبير عن أبي أمامة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ : " إذا سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك فأنت مؤمن " (الصحيحة: 550) (صحيح الجامع: 600).
وفي رواية : ".... ألا ومن كان منكم تسوؤه سيئته وتسره حسنته فهو مؤمن ".
فالمؤمن يظل على طاعة الله حتى تصبح الطاعة له خُلقا دائما، وحالة مستمرة، وظلالاً مباركة وفي المقابل ينفر من المعصية ويكرهها، ولا يطيق لها ممارسة ولا سماعاً، إنه يخرجها من قلبه وتصوره وفكره وشعوره وخياله وكيانه. ثم يخرجها من حياته ودنياه وواقعه وممارساته. فهذا حال المؤمن يحب الطاعة ويستلذها، ويكره المعصية ويستقبحها، ويصدق عليه قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ (الحجرات:7).