وسائل مقترحة


مجدي الهلال

.. نعم، الدخول إلى عالم القرآن ودائرة تأثيره يحتاج منا إلى جهد ومثابرة، وبخاصة في البداية حتى نستطيع تجاوز الطريقة التي اعتدنا عليها في تعاملنا مع هذا الكتاب والتي تهتم باللفظ أكثر من المعنى. وأكبر عامل يساعدنا على تجاوز طريقتنا الشكلية مع القرآن، ويدخلنا إلى دائرة تأثيره، ويذيقنا حلاوة الإيمان الناتج عنه الاستعانة الصادقة بالله عز وجل، والإلحاح عليه بالدعاء.. دعاء كدعاء المضطر المشرف على الغرق.. ندعوه أن ينفعنا بمعجزة القرآن، وينور قلوبنا بنور آياته، ويحييها بمعرفته ..

(1) قد يقول قائل: وكيف للأعجمي أن يعود للقرآن وهو لا يفهمه؟ الحل في هذه المعضلة يكمن في ضرورة تعلمة اللغة العربية كما كان يحدث في الماضي، مع العلم بأن قراءة معاني القرآن المترجمة للغات المختلفة لا تغني عن التعامل المباشر مع القرآن والانتفاع بقوة تأثيره على المشاعر، من هنا كان من الضروري لغير الناطقين بالعربية أن يجعلوا من أولى أولوياتهم تعلم اللغة العربية ليتسنى لهم حسن الدخول إلى دائرة تأثير القرآن.

ولك - أخي القارئ - أن تتأكد من أهمية ذلك عندما تقرأ دعاء النبي ﷺ وتستشعر ما فيه من معاني الإلحاح على الله عز وجل بأن يفتح القلوب لأنوار القرآن وأن يكون غينا لقلوبنا ونورا الصدورنا ، يقول : ما أصاب مسلما قـط هـم أو حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري وجلاء حزني وذهاب غمي، إلا أذهب الله تعالى همه وأبدله مكان حزنه فرحا»

ولنعلم جميعا بأن الإمداد بحسب الاستعداد، وعلى قدر الإناء الفارغ الذي نقدمه يكون قدر الامتلاء، فلا نبخل على أنفسنا بالمدد الإلهي غير المحدود، والذي ينتظر سؤال السائلين:

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾

[البقرة : ١٨٦]

... ومع الاستمرار في الدعاء والإلحاح على الله عز وجل، فإن هناك بعض الوسائل المعينة على العودة الهادئة والمتدرجة إلى القرآن علينا أن نجتهد في الأخذ بها جميعا، وهي:

أولاً: الانشغال بالقرآن والمداومة على قراءته يوميا.

ثانيا: التهيئة الذهنية والقلبية. ثالثا: القراءة الهادئة الحزينة من المصحف بصوت مسموع وبترتيل.

رابعا: التركيز في القراءة وعدم السرحان

خامسا: الفهم الإجمالي للآيات

سادسا: التجاوب مع القراءة.

سابعا : ترديد الآية التي تؤثر في القلب.

ثامنا: مدارسة الآيات والعمل بمقتضاها.

أولا : الانشغال بالقرآن والمداومة على قراءته يوميا :

إن كان القرآن هو الحبل الذي أنزله الله من السماء إلى الأرض ليتشلنا مما نحن فيه.

وإن كان القرآن هو الحل لتغيير الوضع الأليم الذي نحياه وإذا كان القرآن هو الذي سيعيد لنا فلسطين والعراق وكشمير وتركستان والفلين.. وكل أراضي المسلمين المغتصبة.

فبأي حال سيكون تعاملنا معه؟

كم من الوقت سنعطيه، وكم من الاهتمام سئوليه؟

ألا توافقني - أخي القارئ - أنه بعد وضوح الرؤية المدى فاعلية المعجزة القرآنية وإمكانياتها في التغيير.. ألا توافقني أنه من الضروري أن يكون القرآن هو شغلنا الشاغل ومحور اهتماماتنا، وأن نعطيه أفضل أوقاتنا وأكثرها؟ نعم، سيكون هذا على حساب الوقت المخصص لقراءة الصحف والمجلات أو مشاهدة الفضائيات...

ولكن، ألا تستحق النتائج المترتبة على الانشغال بالقرآن هذا الاهتمام ؟

ألا تستحق السعادة التي سنجني ثمارها في نفوسنا وبيوتنا وأمتنا هذا الانشغال؟

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ وسائل مقترحة

  • وسائل تكوين اليقين :

    مجدي الهلال

    وسائل تكوين اليقين هي المصادر التي يستقي منها الفرد معارفه، وتقف على رأسها البيئة التي ينشأ فيها.. مع الأخذ في

    09/04/2023 391
  • خطورة التلفاز :

    مجدي الهلال

    ومن وسائل تكوين اليقين داخل الإنسان كذلك وسائل الإعلام بصورها المختلفة وأهمها جهاز التلفاز، والذي يعد من أخطر

    10/04/2023 402
  • دور المدرسة :

    مجدي الهلال

    أما العامل الثالث في تكوين يقين الإنسان المدرسة، ففيها تُبث كذلك الأفكار والمبادئ والاهتمامات والتصورات .... ومع

    11/04/2023 429
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day