المقدم والمؤخر جل جلاله


عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

يقول ابن القيم رحمه الله: "فالعبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء.

وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو النار؛ فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر.

وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء،

{إِنَّهَا لَإِحْدَى ٱلْكُبَرِ نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّر}

[المدثر: 35- 37]

ولم يذكر واقفاً، إذ لا منزل بين الجنة والنار، ولا طريق لسالك إلى غير الدارين البتة.

فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة".

والتقدم والتأخر بيد الله عز وجل، فكان من أسماء الله الحسنى: (المقدم والمؤخر جل وعلا).

جاء في "الصحيحين"

عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل: "فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت – أو: لا إله غيرك-"

فربنا هو: المقدم والمؤخر جل وعلا، منزل للأشياء منازلها، يقدم ما شاء منها ويؤخر ما شاء.

قدم المقادير قبل أن يخلق الخلق.

وقدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عباده، ورفع الخلق بعضهم فوق بعض درجات.

وقدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين، وأخر من شاء عن مراتبهم وثبطهم عنها، وأخر الشيء عن حين توقعه لعلمه بما في عواقبه من الحكمة؛ لا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم.

وربنا جل وعلا يقدم من يشاء من خلقه إلى رحمته بتوفيقه، ويؤخر من يشاء عن ذلك لخذلانه.

والجمع بين الأسمين فيه: أدب وزيادة حسن؛ لأن الكمال في اقترانهما.

وهــو المقــدم والمؤخـــر ذانـك                  الصفتان للأفعال تابعتان

وهما صفات الذات أيضاً إذ هما                   بالذات لا بالغير قائمتان

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ المقدم والمؤخر جل جلاله

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day