السيد

الدليل:

عن عبدالله بن الشخِّير رضي الله عنه قال: انطلقتُ في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيِّدُنا، فقال: (السَّيِّدُ الله تبارك وتعالى)، قلنا: وأفضلنا فضلًا وأعظمنا طَوْلًا، فقال: (قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يَسْتجرِينَّكُم الشيطان)؛ رواه أبو داود وصححه الألباني.

(لا يَسْتجرِينَّكُم الشيطان)، أي: لا يجرنَّكم ويستميلنَّكم الشيطان إلى الغلو والإطراء المذموم.

(وأعظمنا طَوْلًا)؛ أي: غنى وشرفًا، والطَوْل بمعنى الغِنى.

المعنى:

السيد في اللغة: كل من افتُرِضَتْ طاعتُه، وهو المالك والموْلى، وهو المتولِّي للجماعة الكثيرة، وسيد الناس هو رأسهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يأتمرون، وبهديه يهتدون.

فالله السيد، أي: المستحق للسيادة الحقيقية التامة، فالسؤدد له عزَّ وجلَّ، وكل الخلق عبيدٌ له، فهو سبحانه ربهم ومالكهم ومولاهم.

والسيد من الأسماء المشتركة، لذا يجوز إطلاق السيد على البشر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا سيِّدُ ولد آدمَ يوم القيامة)؛ رواه مسلم، وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: (السيِّد الله تبارك وتعالى)؛ أي: السيادة التامة الكاملة الحقيقية له سبحانه وتعالى، وبعض العلماء يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك تأدّبًا وتواضعًا مع ربه جلَّ جلاله، أو أنه عليه الصلاة والسلام منعهم من قول ذلك؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام، فخشي عليهم من الغلو والمدح المذموم؛ (ينظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود لمحمد شمس الحق العظيم آبادي).

قال ابن القيم: "السيد إذا أطلق عليه تعالى فهو بمعنى: المالك والمولى والرب، لا بالمعنى الذي يُطلق على المخلوق"؛ (بدائع الفوائد لابن القيم).

مقتضى اسم الله السيّد وأثره:

في تسمية الله تعالى نفسه بالسيد تذكير للعبد بأنه مهما علا في مراتب الدنيا ومناصبها، وارتفَع في مقاماتها ومنازلها، فهو عبدٌ ضعيفٌ مخلوقٌ، وأن السيادة التامة المطلقة إنما هي لله جلَّ جلاله، فلا بد للإنسان أن يتواضع لربه ويخضَع، وكذلك يجعل التواضع خُلُقًا له في تعامله مع سائر الناس.