لا تسأم من الوقوف!
فإذا ضاقت بك الحيل، وألجأتك الخاوف؛ فتذكر أنه الأول والآخر، وأنه قريب منك، وأنه على كل شيء قدير، وأنه قاهر فوق عباده، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه، وأنه مطلع على سرائرك وما يخالج ضميرك.
هنا صار لقلبك رب يقصده، وإله يعبده، وصمد يصمد إليه في حوائجه، وملجأ يلجأ إليه، فإذا استقر ذلك سعد قلبك، وهدأت نفسك، وارتاح ضميرك، وقرب الفرج، وقد علمت أنه الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو على كل شيء قدير.
النار لم تحرق إبراهيم الخليل؛ لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة،
{قُلْنَا يَٰنَارُ كُونِى بَرْدًا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ}
[الأنبياء: 69]
البحر لم يعرق كليم الرحمن؛ لأن الصوت القوي المؤمن بجلال الله نطق
{قَالَ كَلَّآ ۖ إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ}
[الشعراء: 62]
يونس في بطم الحوت في البحر ينادي:
{لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبْحَٰنَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ}
[الأنبياء: 87]
صوت ضعيف منطلق من ظلمات ثلاثة: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت؛ يخترقها إلى السماء فيأتي الفرح.
وفي الغيب للعبد الضعيف لطائف
بها جفت الأقلام وانطوت الصحف.