حبة رمـل واحدة
لدي اعتراف، عندما كنت اسمع الآية القرآنية القائلة:
( لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سورة غافر (57)
كنت أشعر بتعجب، كيف يمكن أن يكون خلق السماوات والأرض (مجرد مساحة واسعة وحجر عملاق) أكبر من خلق الجسد البشري؟
وقبل أن تسألني عن سبب تعجبي.. سأخبرك ان كاتب هذه السطور درس علم الاحياء وفتن به افتتانًا، أي شخص يدرس الجسد البشري سيجد صعوبة كبيرة في تصديق ان شيئًا مهما كان يمكن أن يكون أعظم من ذلك.
إليك مثلاً هذه المعلومة: مبدئيًا فلنفترض أن لديك في جسدك ١٠ ترليونات خلية.. وأقول نفترض لأن الجسد العادي به حوالي ٣٧ تريليون خلية.. لكننا نتكلم عن شخص صغير السن والجسد....هذا يعني أن بداخل هذا الشخص ٧٤٤ مليون "ميل" من شرائط الشفرة الوراثية.. ال DNA .. نكرر ٤٧٧ مليون ميل..
هذا معناه انه يمكنك "فك" الشفرة الوراثية الموجودة داخل جسد طفل في الخامس الابتدائي ومدها من الأرض للقمر ٣٠٠٠ مرة!
هذا التعقيد الذي لا يكاد يصدق لولا أننا رأيناه بأعيننا كان يبدو لي أعظم من كوكب الأرض بكثير!
لكن البارحة صدرت الصور المذهلة من "الأستاذ جيمس ويب" .. وجيمس ويب هذا هو اسم "التليسكوب" الذي تكلف صنعه ١٠ مليارات دولار ليقوم برصد الكون.
وقد قام برصد جزء صغير جدًا من الكون..
انها الصورة التي تراها أمامك، وسأنقل لك تفسيرها الموجود على الانترنت والمترجم بدقة من تقرير وكالة ناسا.
١- كل بقعة مضيئة في هذه الصورة ليست لنجم أو كوكب أو جرم سماوي، بل لمجرة كاملة.
٢- كل "مجرة" من هذه المجرات تحتوي على "مليارات" من النجوم والكواكب والأقمار والنيازك والأجسام الفضائية.
٣- مجرة درب التبانة وحدها -التي فيها مجموعتنا الشمسية- وفقا لبعض التقديرات تحتوى على ١٠٠ مليار نجم مثل الشمس.
٤- الشمس نجم واحد فقط من نجوم المجرة، يدور حوله عدد من الكواكب -ومنها الأرض-، يعني نحن في مجموعة شمسية واحدة من مليارات المجموعات الأخرى داخل المجرة الواحدة.
٥- كل مجرة من التي تحتوى على مليارات النجوم، تظهر في صورة NASA كأنها بقعة مضيئة، يعني أن كل بقعة مضيئة تمثِّل مجرة كاملة.
٦- أقرب المجرات إلينا لا يحيط بها البشر علمًا، بل لا يعلمون عنها إلا قليلا (بل إننا لا نعلم عن مجرتنا أي شيء تقريبًا)
والأهم.. والأهم.. والأهم..
٧- النسبة بين حجم ما في الصورة (كل ما في الصورة) وبين مساحة الكون، تعتبر كأنك تمسك بيدك حبة رمل وترفع ذراعك إلى السماء، النسبة بين مساحة حبة الرمل والسماء كلها مثل النسبة بين آلاف المجرات الظاهرة في الصورة هذه وباقي الكون!
حبة رمل.. كل هذه المساحة التي يستحيل أن يتخيلها العقل.. هي حبة رمل.. حبة رمل واحدة.
انا اعرف ما تفكر فيه الآن.
انت تفكر انك لا تستطيع تخيل الموقف.. الأمر أكبر من (التخيل) حتي! هنا تذكر عدة أمور:
١- هناك مجانين ما زالوا يقولون ان (الكون جاء بالصدفة)، إحمد الله على الهداية.
٢- قَالَ رَسُول اللَّه ﷺ:
( لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّه جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْها شَرْبَةَ مَاءٍ) رواه الترمذي.
٣- وصفت الجنة في أكثر من موضع بالقرآن بأن "عرضها السماوات والأرض"
ونحن حتى الآن ما زلنا لا نعرف حجم السماوات والأرض، حتى بمثال حبة الرمل التي بداخلها آلاف المجرات.. فقد يكتشف تلسكوب آخر بعد عشر سنوات الأمر أوسع من ذلك بكثير.
والسؤال الذي يجب أن يفكر فيه المسلم هو:
هل أنت مستعد للتضحية بجنة أكبر من كل ذلك.. في سبيل الفوز في صراع على جناح البعوضة؟!
الإجابة تعود لك.
