أقوال السلف في اسم الله (الرؤوف)
أولًا: أقوال بعض الصحابة والتابعين في اسم الله (الرؤوف):
كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا سَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَبْرَهُ قَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَبْدُكَ رُدَّ إِلَيْكَ فَارْؤفْ بِهِ وَارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَافْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَتَقَبَّلْهُ مِنْكَ بِقَبُولٍ حَسَنٍ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَضَاعِفْ لَهُ فِي إِحْسَانِهِ، أَوْ قَالَ: فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ "
قال سعيد بن جبير: {رؤوف}: {لَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} [النور: 20] يَعْنِي: «لَعَاقَبَكُمْ بِمَا قُلْتُمْ لِعَائِشَةَ» ، {وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ} يَعْنِي: «رَؤُوفٌ بِكُمْ حِينَ عَفَا وَلَمْ يُعَاقِبْكُمْ فِيمَا قُلْتُمْ مِنَ الْقَذْفِ».
قال الحسن البصري: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران: 54] من رأفته بهم حذرهم نفسه. [تفسير ابن كثير 2/31].
ثانيًا: أقوال بعض المفسرين في تفسير اسم الله (الرؤوف):
1- قال الطبري: {الرؤوف}: أن الله بجميع عباده ذُو رأفة. و"الرأفة"، أعلى مَعاني الرحمة، وهي عَامَّة لجميع الخلق في الدنيا، ولبعضهم في الآخرة. [تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، 3/ 171 - 172].
2- قال فخر الدين الرازي: {رؤوف}: قال القفال رحمه الله: الفرق بين الرأفة والرحمة أن الرأفة مبالغة في رحمة خاصة وهي دفع المكروه وإزالة الضرر كقوله: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله [النور: 2] أي لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما، وأما الرحمة فإنها اسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى ويدخل فيه الانفصال والإنعام، وقد سمى الله تعالى المطر رحمة فقال: وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته [الأعراف: 57] لأنه إفضال من الله وإنعام. [مفاتيح الغيب - التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، 4/ 93]
3- قال القرطبي: {رؤوف}: الرأفة أشد من الرحمة. وقال أبو عمرو بن العلاء: الرأفة أكثر من الرحمة، والمعنى متقارب. [الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، 2/ 158].
4- قال ابن كثير: {رؤوف}: قال الحسن البصري: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران: 54] من رأفته بهم حذرهم نفسه.. [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 2/ 31].
5- قال أبو السعود: {رؤوف}: الرَّأفةِ التي هي كمالُ الرَّحمةِ. [تفسير أبي السعود - إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى: 982هـ)، 6/ 164].
6- قال الآلوسي: {رؤوف}: فإن اتصافه تعالى بهذين الوصفين يقتضي لا محالة أن الله لا يضيع أجورهم ولا يدع ما فيه صلاحهم- والباء- متعلقة ب لَرَؤُفٌ وقدم على رَحِيمٌ لأن الرأفة مبالغة في رحمة خاصة، وهي رفع المكروه وإزالة الضرر كما يشير إليه قوله تعالى: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور:
2] أي لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما- والرحمة- أعم منه، ومن الإفضال ودفع الضرر أهم من جلب النفع، وقول القاضي بيض الله تعالى غرة أحواله: لعل تقديم- الرؤوف- مع أنه أبلغ- محافظة على الفواصل- ليس بشيء لأن فواصل القرآن لا يلاحظ فيها الحرف الأخير كالسجع- فالمراعاة حاصلة على كل حال- ولأن الرحمة حيث وردت في القرآن قدمت ولو في غير الفواصل كما في قوله تعالى: رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها [الحديد: 27] في وسط الآية، وكلام الجوهري في هذا الموضع خزف لا يعول عليه، وقول عصام:- إنه لا يبعد أن يقال:- الرؤوف- إشارة إلى المبالغة في رحمته لخواص عباده- والرحيم- إشارة إلى الرحمة لمن دونهم فرتبا على حسب ترتيبهم، فقدم- الرؤوف- لتقدم متعلقه شرفا وقدرا- لا شرف ولا قدر، بل ولا عصام له لأنه تخصيص لا يدل عليه كتاب ولا سنة ولا استعمال وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص «لرؤوف» بالمد، والباقون بغير مد. [روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، 1/406 - 407].
ثالثًا: أقوال بعض أهل العقيدة في اسم الله (الرؤوف):
1- قال ابن تيمية رحمه الله: «الرؤوف» وسمى نفسه بالرؤوف الرحيم فقال: { إن الله بالناس لرؤوف رحيم } وسمى بعض عباده بالرؤوف الرحيم فقال : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } وليس الرؤوف كالرؤوف ولا الرحيم كالرحيم. [العقيدة التدمرية، لابن تيمية 1/5].