مقال بعنوان: أسماء الله - الحي القيوم
– يعجبني الحديث عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر «كربة» قال: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» (حسنه الألباني)، فيه لجوء إلى الله سبحانه وتعالى وراحة في القلب، ويقين بزوال الكرب؛ لأن المستغاث به هو الله الحي القيوم سبحانه وتعالى.
هكذا بدأ حواري مع صاحبي ونحن في طريقنا في اليوم السابع من ذي الحجة لتلبية دعوة أحد الإخوة في منطقة برية تبعد ساعتين عن المدينة.
– هل تعلم كم مرة ورد اسم (الحي) لله عز وجل في كتاب الله؟
– كلا.. زدني مما عندك.
– ورد اسم الله (الحي) خمس مرات في كتاب الله، واقترن بـ(القيوم) في ثلاث منها:
– أعرف اثنتين:
{اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } (البقرة:255)
{الم ﴿١﴾ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } (آل عمران:1-2)
– أحسنت والثالثة هي قوله تعالى:
{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} (طه:111)
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: «ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: «يا حي يا قيوم» برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا» (صححه الألباني).
– (الحي): ذو الحياة الكاملة التامة الذي لا يموت سبحانه وتعالى. وقال بعض العلماء: (الحي) وهو (بصير) فهو (حي) وهو (عزيز) فهو (حي)، وهكذا.
(القيّوم): القائم بذاته المقيم لكل شيء غيره، القائم بتدبير أمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وكل ما يحتاجون له وهو على وزن (فيعول) ومنه (القيّام) وهما جميعا للمدح.
قال جميع الصفات ترجع (للحي) وجميع الأفعال ترجع (للقيّوم).
أشار إلي صاحبي بضرورة الخروج من الطريق الأسفلتي يمينا وبدأ سلوك طريق بري داخل الصحراء، ففعلت.
– وماذا عن الحديث بأن (الحي القيّوم) هو اسم الله الأعظم؟
– الحديث لم يذكر (الحي القيّوم) على وجه الخصوص ونصه:
عن أنس بن مالك قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا يعني ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: تدرون بما دعا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا باسم الله العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. (الألباني: صحيح ابن ماجه).
– وماذا عن اجتماع الاسمين (الحي القيّوم)؟
– لا شك أن (الحي) فيه من الكمال والجمال والعظمة ما فيه، وكذلك (القيّوم) فيه من الكمال والعظمة ما فيه، و(الحي القيوم)، كمال جديد وعظمة أخرى، فهو الحي في ذاته المحيي لغيره والقائم بذاته المقيم لغيره، فأحيا كل شيء وأقامه بما يلزمه من وسائل القيام والحياة، فهو سبحانه الحي الذي ينبغي التوكل عليه وحده.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} (الفرقان:58)
وسبحانه {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦٥﴾} (غافر:65)
فإذا استغاث العبد صادقاً بـ(الحي القيوم)، كفاه ووقاه وآواه وأذهب همه وفرج كربه وعافاه.