القدم والبقاء
القدم والبقاء :
ونبه الشيخ رحمه الله تعالى إلى أن القدم والبقاء اللذين وصف المتكلمون بهما الله – جلّ وعلا – زاعمين أنه وصف بهما نفسه هما المرادان بقوله تعالى : ( هو الأوَّلُ والأخرُ ) [ الحديد : 3 ] .
والقدم عندهم عبارة عن سلب العدم السابق ، إلا أنه عندهم أخص من الأزل ، لأن الأزل عبارة عما لا افتتاح له ، سواء أكان وجودياً كذات الله وصفاته ، أو عدمياً ، والقدم عندهم عبارة عما لا أول له ، بشرط أن يكون وجودياً ، كذات الله متصفة بصفات الكمال والجلال .
وبين الشيخ – رحمه الله – أن الله – عزّ وجلّ – وصف المخلوقين بالقدم ، قال : ( قالوا تالله إنَّك لفي ضلالك القديم ) [ يوسف : 95 ] ، ( كالعُرجُونِ القديم ) [ يس : 39 ] ، ( أنتم وَآبَاؤُكُمُ الأقدمون ) [الشعراء : 76] .
ووصف المخلوقين بالبقاء قال : ( وجعلنا ذُريَّته هم الباقين ) [ الصافات : 77 ] ، ( ما عندكم ينفدُ وما عند الله باقٍ ) [ النحل : 96 ] ولا شك أن ما وصف به الله من هذه الصفات مخالف لما وصف به الخالق .
وصف الله بالقدم والبقاء لم يرد في الكتاب والسنة :
وبين الشيخ – رحمه الله – تعالى أن الله لم يصف في كتابه نفسه بالقدم ، وبعض السلف كره وصفه بالقدم ؛ لأنه قد يطلق مع سبق العدم ، نحو ( كالعرجون القديم ) [يس : 39] ، ( إنَّك لفي ضلالك القديم ) [يوسف : 95] ، ( أنتم وَآبَاؤُكُمُ الأقدمون ) [الشعراء : 76] .وقد زعم بعضهم أنه جاء فيه حديث ، وبعض العلماء يقول : هو يدل على وصفه بهذا ، وبعضهم يقول : لم يثبت .
أما الأولية والآخرية التي نص عليهما في قوله : ( هو الأوّلُ والأخرُ ) [ الحديد:3] ، فقد وصف المخلوقين أيضاً بالأولية والآخرية ، قال : ( ألم نُهلك الأوَّلين – ثُمَّ نتبعهم الآخِرِينَ ) [ المرسلات : 16-17 ] . ولا شك أن ما وصف الله به نفسه من ذلك لائق بجلاله وكماله كما أن للمخلوقين أوليه وآخرية مناسبة لحالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم .