الطريق إلى تعظيم الله تعالى


أحمد بن عثمان المزيد

إن تعظيمَ اللهِ تعالى لا يكونُ إلَّا بعدَ معرفةِ اللهِ عز وجل بأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه ونعوتِ جلالِه، قال تعالى: 

﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ 

[محمد:19]

فلا بدَّ من العلمِ والمعرفةِ، فهي النورُ الذي يضيءُ لك طريقَ التعظيمِ والإجلالِ. 

فاللهُ عز وجل عظيمٌ في ذاتِه، عظيمٌ في أسمائِه، عظيمٌ في صفاتِه، عظيمٌ في ملكِه وسلطانِه، عظيمٌ في خلقِه وأمرِه، عظيمٌ في دينِه وشرعِه، عظيمٌ في علمِه وكلماتِه قال تعالى: 

﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾

[الكهف:109]

وقال: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾

[لقمان:27] 

هذا علمُ الله تعالى فماذا عن قدرته؟ قال تعالى بعد هذه الآية:

﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ 

[لقمان:28-31].

إنها العظمةُ المطلقةُ والقدرةُ المطلقةُ والعلوُّ المطلقُ، والجلالُ المطلقُ، والقهرُ المطلقُ: 

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾

[الزمر:67].

قال الإمامُ ابنُ القيمِ في ارتباطِ التعظيمِ بالمعرفةِ: «وهذه المنزلةُ ـ أي منزلةُ تعظيمِ اللهِ ﷻ ـ تابعةٌ للمعرفةِ، فعلى قدرِ المعرفةِ يكونُ تعظيمُ الربِّ تعالى في القلبِ، وأعرفُ الناسِ به أشدُّهم له تعظيمًا وإجلالًا، وقد ذمَّ اللهُ تعالى من لم يعظِّمْهُ حقَّ عظمَتِهِ، ولا عَرَفَهُ حقَّ معرفتِهِ، ولا وَصَفَهُ حقَّ وصفِهِ، فقال تعالى: 

﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾

[نوح:13]

وقال أبو القاسمِ إسماعيلُ الأصبهانيُّ في صفةِ العظمةِ: «العظمةُ صفةٌ من صفاتِ اللهِ، لا يقومُ لها خلقٌ، واللهُ تعالى خلقَ بين الخلقِ عظمةً يعظّمُ بها بعضُهم بعضًا، فمن الناسِ من يعظَّم لمالٍ، ومنهم من يعظَّم لفضلٍ، ومنهم من يعظَّم لعلمٍ، ومنهم من يعظَّم لسلطانٍ، ومنهم من يعظَّم لجاهٍ، وكلُّ واحدٍ من الخلقِ إنما يعظَّمُ لمعنى دونَ معنىً واللهُ ﷻ يعظَّمُ في الأَحوالِ كلِّها، فينبغي لمن عَرَفَ حقَّ عظمةِ اللهِ أن لا يتكلمَ بكلمةٍ يكرهُها اللهُ، ولا يرتكبَ معصيةً لا يرضاها اللهُ، إذ هو القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبتْ»

يشير بذلك رحمه اللهُ إلى أنَّ المعصيةَ تُضْعِفُ من تعظيمِ العبدِ لربِّه، وقد تذهبُ التعظيمَ من قلبِه بالكليةِ.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الطريق إلى تعظيم الله تعالى

  • الطاعة في الأزمنة الفاضلة

    عبدالعزيز الطريفي

    الطاعة في الأزمنة الفاضلة من تعظيم شعائر الله، ومن عدم تعظيم شعائره معصيته في زمن يحب فيه طاعته (ومن يُعظّم شعائر

    02/08/2019 2050
  • قسم الآداب الإسلامية السؤال الخامس عشر

    يزن الغانم

    آداب الطريق س: اذكر آداب الطريق؟ ج- 1- أعتدل وأتواضع في مشيتي، وأمشي على يمين الطريق. 2- ألقي السلام على من

    16/03/2022 652
  • تعظيم الله هو أساس التوحيد

    فريق عمل الموقع

    تعظيم الله تعالى هو أساس التوحيد، فبحسب معرفة العبد بربه وتعظيمه له يتمحض توحيده لله تعالى في ربوبيته وألوهيته

    06/11/2022 1142
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day