شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (33) اسم الله الحق
ورد الاسم في القرآن الكريم في عشر آيات: في سورة الأنعام:
{ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:62].
وفي سورة يونس في موضعين:
{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [يونس:30]
{فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس:32]
وفي سورة الكهف:
{هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف:44]
وفي سورة الحج في موضعين:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج:6]
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:62]
وفي سورة المؤمنون:
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:116]
وفي سورة النور:
{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور:25]
وهذا هو الموضع الوحيد الذي جاء فيه اسم الله الحق تذييلًا، الآيات الأخرى كلها يأتي الاسم ضمن الآية وهذا يحتاج إلى تأمّل. وفي السنة المطهرة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: «...أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ» (صحيح مسلم: [769])
معنى الحق في اللغة: دائمًا يكون في المعنى اللغوي إشارات لمعنى الاسم في حق الله وفي حظ العبد من الاسم: 1- الحق اسم فاعل، فعله: حقَّ يحقُّ حقًا. يقال: حققت الشيء أحقه حقًا، إذا تيقنت كونه ووجوده ومطابقته للحقيقة. ويغلق معنى الريبة والشك اللذان يناقضان الإيمان وقد ذكرهما الله في صفات أهل النفاق. أي شيء لا ريبة عندك فيه شيء مُسلَّم به، على النقيض يكون الشيء باطل، أي توهّمت وجوده بل وقعت في الجهل ابتداءً فوقعت في الباطل. فنلاحظ أن القضية ستؤول إلى اليقين والعلم. 2- والحق بمعنى المطابقة والموافقة والثبات وعدم الزوال. وعندما سنتكلّم عن الحقوق مثل حق الالتزام.. حق الإيمان.. فمن حقه أن يثبت على المعنى الذي يتيقنه ويعلمه ولا ينبغي أن يتزعزع أو يزول هذا المعنى المتيقن من قلبه. 3- الحق بمعنى العدل خلاف الباطل والظلم. 4- الحق هو الاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه في الحقيقة؛ كأن تقول أعتقد أن البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق. 5- وتأتي كلمة الحق في القرآن بمعنى: الإسلام، والحكمة، والعدل، والصدق، والوحي، والقرآن، والحقيقة، والحساب، والجزاء كما في قوله:
{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور:25]
أما معنى الاسم في حق الله سبحانه وتعالى: ذكر أهل العلم في ذلك كلامًا جليلًا نفيسًا منه: يقول ابن جرير في تفسير الآية:
{وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}
"رجع المشركون يومئذٍ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحق لا شك فيه، ورُفِعت الحُجب وصار الأمر حق". ما عاد هناك ريبة، صار الغيب شهادة فيعلمون أن الله هو الحق. وذكر في تفسير الآية: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} "أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض، ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت والميت من الحي، ويدبر الأمر؛ {اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ}، لا شك فيه، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} يقول: فأي شيء سوى الحق إلا الضلال، وهو الجور عن قصد السبيل". يقول: "فإذا كان الحقُّ هو ذا، فادِّعاؤكم غيره إلهًا وربًّا، هو الضلال والذهاب عن الحق لا شك فيه". وهذه الآية تُسمّى آية الربوبية في القرآن؛ ففيها من أوصاف الربوبية: (الرزق، والملك، والإحياء، والإماتة، وتدبير الأمر). وقال في قوله تعالي:
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لقمان:30]
"يعني تعالى ذكره بقوله: {ذَٰلِكَ} هذا الفعل الذي فعلت من إيلاجي الليل في النهار، وإيلاجي النهار في الليل، لأني أنا الحقّ الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ندّ، وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلهًا من دونه هو الباطل الذي لا يقدر على صنعة شيء، بل هو المصنوع". يقول الخطابي: "الحق هو المتحقق كونًا ووجودًا وكل شيء صح وجوده وكونه فهو حق". سَمَّى الله القيامة الحاقّة لأنها الكائنة حقًا لا شك فيها ولا مدفع لوقوعها. ولاحظ المد في الحاقّة كان يمكن أن تُسمّى الحقيقة ولكن المد يعطي معنى المبالغة في الشيء. قال الخليل: "الحق ما لا يسع إنكاره"، وفيه دلالة على أن وجود الله حق تهتدي إليه الفِطر السليمة دون احتياج إلى نظرٍ وتأمّل وتفكُّر كبير حتى يصل إلى أن الله رب هذا الكون ومالكه فلا يسع إنكاره ويلزم ثبوته والاعتراف به فلا يجحد وجوده إلا جاحد يتظاهر عليه من الدلائل. قال الخشيري: "الحق هو بمعنى الموجود الكامل وكذا معناه في اللغة". أما الغزالي فقال في (المقصد الأسمى): "الحق هو الذي في مقابلة الباطل والأشياء قد تستبان بأضدادها وكل ما يخبر عنه فإما باطل مطلقًا وإما حق مطلقًا وإما حق من وجه وباطل من وجه. فالممتنع بذاته هو الباطل مطلقًا. والواجب بذاته هو الحق مطلقًا. والممكن بذاته الواجب بغيره هو حق من وجه باطل من وجه". قال ابن الأثير: "الحق هو الموجود حقيقة، المتحقق وجوده وإلوهيته والحق ضد الباطل". إذًا.. فاسم الله الحق يعني: المتصف بالوجود والدوام والحياة والقيومية والبقاء فلا يلحقه زوال ولا فناء، كما يقول الطحاوي: "لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد". كل أوصاف الحق جامعة للجمال والكمال والعظمة والجلال، وهو الذي يحق الحق بكلماته فيقول الحق وإذا وعد فوعده الحق وما أمر به حق، كما قال تعالى: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس من الآية:82]، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:73]. حظ المؤمن من اسم الله الحق: 1- طلب العلم والرسوخ فيه: العلم لا مجرد المعرفة، أن تتعلَّم أي أن تكون راسخًا في عِلمك وليس حفظ كلمتين أو قراءة كتابين أو سماع درسين؛ بل يحتاج الأمر أن يترسخ في قلبك لكي يكون عقيدةً وعِلمًا. 2- تحقيق الإيمان واليقين: كيف تكون موقنًا بالشيء؟ - بإصلاح المحل (القلب): عندما يدخل نور العلم إلى القلب القاسي لا يثبت يه لأن الران قد علاه، وأشرب القلب المعاصي. لذا تحتاج إلى تطهير القلب لتثبت فيه المعاني. حينئذ تجد نفسك موقنًا ثابتًا لا تتزعزع ولا تنتابك الشبهات ولا تأخذ بك الريب والشكوك. 3- أن تثبت ولا تتزعزع: والثبات له أسبابه الكثيرة نذكر منها: أ- قول الله تعالى:
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء من الآية:66]
، الامتثال لما تُوعَظ به والامتثال لأمر الله. لو امتثلت وتأدَّبت يترسخ الفعل عندك ويصير ثابتًا لا يتزعزع عندك، أما إذا أعرضت وأخذت ما يناسب هواك وعلى حسب الحالة الإيمانية عندك وما يناسب الوسط الاجتماعي ونقول: هذا لا ينفع في زماننا، يقول الله:
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة من الآية:85].
ب- يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45]، الذكر لصلاحية المحل وتطهير القلب. 4- العدل: أن تكون عادلًا ولا تظلم مثقال ذرة كما قال تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا. فلا تظَّالموا» (صحيح مسلم: [2577]). أولًا: لا تظلم نفسك بارتكاب المعاصي؛ فهذا سوف يزعزع ثباتك، فالظلم ظلمات. ثانيًا: لا تظلم غيرك؛ فإن من أعظم الذنوب تعجيلًا بالعقوبة البغي والعقوق وكن منصفًا. كان الخطابي وهو من علماء القرن الرابع يقول: "نحن في زمانٍ قَلّ فيه من يعرف وأقل منه من يُنصف". فماذا نقول نحن الآن؟! ماذ نقول في زمانٍ لا أحد فيه يعرف! ولا أحد فيه يُنصف إلا من رحم ربي...! قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8]. ليس لأني أحبه ويتبع اتجاهي الفكري الذي اتبعه أتحمّل له كل شيء، ومن ليس كذلك أشن عليه الحروب والمعارك. فطريق التقوى العدل. 5- أعطِ كل ذي حقٍ حقه: هذا المفهوم الماتع في ديننا، قضية التوازن. فإن لأهلك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لجارك عليك حقًا وإن لصديقك عليك حقًا وإن لوالديك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه. ودعونا نمر على بعض الحقوق المهمة: أولاً - حق الله: حقه أن يُعبد ولا يشرك به شيئًا كما في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "«يا معاذُ! تدري ما حقُّ اللهِ على العبادِ؟ وما حقُّ العبادِ على اللهِ؟». قال قلت: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: «فإن حقَّ اللهِ على العبادِ أن يعبدوا اللهَ ولا يشركوا به شيئًا. وحقُّ العبادِ على اللهِ عزَّ وجلَّ أن لا يُعذِّبَ من لا يشركُ به شيئًا»، قال قلت: يا رسولَ اللهِ! أفلا أُبشِّرُ الناسَ؟ قال: «لا تُبشرْهم، فيتَّكلوا» (رواه مسلم: [30]). وعنْ عُبَادَةَ بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ» (البخاري: [3435]). وفي روايةٍ زاد: «مِنْ أيّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ» (الألباني؛ صحيح الجامع: [6320]). لا معبود بحقٍ إلا الله، وكذلك لا متبوع بحقٍ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تتبع غيره إلا أن يكون على هديه. فمن حق الله العبودية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وانظر إلى الملائكة يوم القيامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُوضَعُ المِيزَانُ يومَ القيامةِ، فَلَوْ وُزِنَ فيهِ السَّمَوَاتُ والأرضُ لَوَسَعَتْ، فَتقولُ الملائكةُ: يا رَبِّ لِمَنْ يزِنُ هذا؟ فيقولُ اللهُ تعالى: لِمَنْ شِئْتُ من خَلْقِي، فَتقولُ الملائكةُ: سبحانَكَ ما عَبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ، ويُوضَعُ الصِّرَاطُ مِثْلَ حَدَّ المُوسَى، فَتقولُ الملائكةُ: مَنْ تُجِيزُ على هذا؟ فيقولُ: مَنْ شِئْتُ من خَلْقِي، فَيقولونَ: سبحانَكَ ما عَبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ» (الألباني؛ السلسلة الصحيحة: [941]). فمن حق الله أن تعبده ثم تستصغر ما تقوم به ولا تمنن تستكثر. ومن حقوق العبودية حق الصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حافَظَ على الصلواتِ الخمسِ، رُكُوعِهِنَّ، وسُجُودِهنَّ، ومَوَاقِيتِهنَّ، وعَلِمَ أنَّهُنَّ حقٌّ من عِنْدِ اللهِ دخلَ الجنةَ»، أوْ قال: «وجَبَتْ لهُ الجنةُ» (الألباني؛ صحيح الترغيب: [381]). وفي روايةٍ قال: «مَن حافَظ على الصلواتِ الخمسِ -أو: الصلاةِ المكتوبةِ- على وضوئِها، وعلى مواقيتِها، وركوعِها وسجودِها، يراه حقًّا عليه حرُم على النارِ» (البوصيري: إتحاف الخيرة المهرة: [1/415]). وعن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من علم أنَّ الصلاةَ حقٌّ مكتوبٌ واجبٌ دخل الجنَّةَ» (الألباني؛ صحيح الترغيب: [382]). ثانيًا - حق المسلم: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ» (البخاري: [1240]). وفي روايةٍ عند مسلم؛ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ»، قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» (مسلم: [2126]). إذا سألك النصيحة لا تقل: يا أخي أنا والله المحتاج للنصيحة، لكن انصحه.. «المؤمن مرآة أخيه» (حسّنه الألباني وغيره). ومن حق المسلم ألا يقتطع حقه؛ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» (مسلم: [137]). ثالثًا - حق الكبير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليسَ منَّامن لَم يَرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا» (الألباني: صحيح الترغيب: [100])، فحقه التوقير. رابعًا - حق الزوجة: "سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عله وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ ما حقُّ زوجةِ أحدنا عليه؟ قال: «أن تُطعِمَها إذا طَعِمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضربُ الوجهَ، ولا تُقَبحِّ، ولا تهجرُ إلا في البيتِ» (الألباني؛ غاية المرام: [244]). خامسًا - حق الزوج: "جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بابنةٍ له فقال: يا رسولَ اللهِ هذه ابنتي قد أبتْ أنْ تتزوَّجَ فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أطيعي أباكِ»، فقالت: والَّذي بعَثك بالحقِّ لا أتزوَّجُ حتَّى تُخبِرَني ما حقُّ الزَّوجِ على زوجتِه؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «حقُّ الزَّوجِ عل ىزوجتِه أنْ لو كانت قرحةٌ فلحَستْها ما أدَّتْ حقَّه». قالت: والَّذي بعَثك بالحقِّ لا أتزوَّجُ أبدًا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تَنكحِوهنَّ إلَّا بإذنِ أهلِهنَّ»" (صحيح ابن حبان: [5488]). وعَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَمَرْتُ أحدًا أنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ؛ لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها؛ من عِظَمِ حَقِّهِ عليْها، ولا تَجِدُ امرأةٌ حَلاوَةَ الإيمانِ؛ حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زَوْجِها، ولَوْ سألَها نَفْسَها وهيَ على ظَهْرِ» (الألباني؛ صحيح الترغيب: [1939])". سادسًا - حق الضيف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليلةُ الضَّيْفِ حقٌّ على كلِّ مُسلِمٍ، فمَنْ أصْبَحَ الضيْفُ بِفنائِهِ، فهو لهُ عليه ديْن، إنْ شاءَ اقْتَضَى، وإنْ شاءَ تَرَكَ» [الألباني: صحيح الجامع: [5470]). وهذا أدب مهجور أن تضيفه ليلة إلا أن تتعنت أن تكون ليس لديك مكان مثلًا، إلا أن كان مسافرًا فحقه ثلاثة ليال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الضيافة ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة» (الألباني؛ صحيح الأدب المفرد: [570]). سابعًا - حق الطريق: في الصحيحين قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوسَ في الطرقاتِ». فقالوا: ما لنا بدٌ، إنما هي مجالسُنا نتحدثُ فيها. قال: «فإذا أبيتم إلا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّه». قالوا: وما حقُّ الطريقِ؟ قال: «غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السلامِ، وأمرٌ بالمعروفِ، ونهيٌ عن المنكرِ» (البخاري: [2465]). إذًا.. التسكع في الشوارع والوقوف على النواصي - لا يجوز في شريعة الرحمن ومخالفة لهدي النبي العدنان. والأصل ألا تقف إلا لمصلحة وإن وقفت تقوم بهذه الحقوق وإلا فليسعك بيتك. ثامنًا - حق الحياء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ»، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله، قالَ: «ليسَ ذاكَ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ، وما وَعى، وتحفَظَ البَطنَ، وما حوَى، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني: منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ» (الألباني: صحيح الترمذي: [2458]). تحفظ العقل فلا يسكر بمسكرٍ مادي (مخدرات وخمور)، ولا بمسكر معنوي (الدِش والشهوات تُفسِد عليه عقله)، ويحفظ البطن فيأكل الحلال ويتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في آداب الطعام. تاسعًا - حق الوصية: رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» (البخاري: [2738]). عاشرًا - أن تجهر بالحق: فالجهر بالحق حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الجهادِ كلِمةُ حقٍّ عندَ سُلطانٍ أو أميرٍ جائرٍ» (الألباني: صحيح الترغيب: [2305]). والإنكار يكون بالضوابط الشرعية منها: 1- أن يكون عليمًا بما يأمر عليما بما ينهى. 2- أن يكون حكيمًا بما يأمر حكيمًا بما ينهى. 3- ألا يترتب على نهيه عن المنكر منكرات أكبر منه. وهكذا كان صنيع العلماء دومًا