الذين يرثون الفردوس


صالح أحمد الشامي

قال الله تعالى:

{قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَٰشِعُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ  إِلَّا عَلَىٰٓ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ  فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْوَٰرِثُونَ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ}

[المؤمنون: 1 - 11]

تجمع هذه الآيات الكريمة صفات الفلاح التي توصل من جمعها إلى الفردوس وهو المكان الأعلى في الجنة.

وفي الآية تقرير القاعدة الأساس التي لا بد منها حتى يكون لتلك الصفات فائدتها، وهي "الإيمان" المؤمنون هم المفلحون إذا قاموا بتلك الأعمال التي ذكرتها الآيات الكريمة وهي:

 {ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَٰشِعُونَ} 

أي خائفون، قال علي رضي الله عنه: الخشوع: خشوع القلب، وقال الحسن البصري: كان خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك أبصارهم وخفضوا الجناح.

والخشوع في الصلاة: إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة وقرة عين.

 {وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} 

والغو: هو ما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال.

{وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ} 

والزكاة قد تكون زكاة النفس من الدنس، وقد تكون زكاة الأموال، المؤمن يقوم بالأمرين معاً، فهو يعمل على تزكية نفسه، وكذلك يزكي أمواله.

{وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} 

أي: الذين حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه، ولا يقربون سوى أزواجهم.

{وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ} 

أي: إذا أؤتمنوا لم يخونوا، بل يؤدون الأمانات إلى أهلها، وإذا ما عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك.

{وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمْ يُحَافِظُونَ} 

أي: يواظبون عليها في مواقيتها، قال قتادة، يحافظون على مواقيتها وركوعها وسجودها.

والملاحظ: أن الله تعالى قد افتتح ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة، واختتمها بالصلاة، فدل ذلك على أفضليتها.

تلك هي الصفات التي يفلح أصحابها ويفوزون بما وعدهم الله تعالى به، وهو الفردوس من الجنة.

والرسالة التي توجهها هذه الآيات الكريمة لمن قرأها، أن يراجع حسابه، ويتفحص أعماله، فإن كانت هذه الصفات متوفرة لديه، فليحمد الله تعالى وليستمر على ذلك.

وإذا وجد نقصاً، فليعمل على تداركه، وليستكمل النواقص حتى يكون في عداد الوارثين، الذين يرثون الفردوس، وتلك النعمة العظمى.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الذين يرثون الفردوس

  • الدليل الثاني على أهمية الخشوع في الصلاة

    الشيخ / خالد بن عثمان السبت

    الدليل الثاني- الذي استدل به رحمه الله-: قوله تعالى:" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ[1]الَّذِينَ هُمْ فِي

    07/04/2018 1647
  • أهمية الثبات على الدين

    الشيخ محمد عبد الغفار

    لقد صدق هؤلاء الله فيما عاهدوا عليه، والله جل وعلا كما بينا في الصفات له غيرة، وغيرة الله أنه لا يعطي فضله لأحد لا

    24/06/2013 9532
  • أهمية الثبات على الدين

    الشيخ محمد حسن عبد الغفار

    لقد صدق هؤلاء الله فيما عاهدوا عليه، والله جل وعلا كما بينا في الصفات له غيرة، وغيرة الله أنه لا يعطي فضله لأحد لا

    07/12/2013 513
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day