ما يحب لنفسه
ما يحب لنفسه
قال أبو محمد:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (1)
هذا قول أميرنا ورئيسنا وكبيرنا وقائدها وشفيعنا، مقدم النبيين والمرسلين والصديقين، من زمان آدم عليه السلام إلى يوم القيامة.
قد نفى كمال الإيمان عمن لا يحب لأخيه المسلم مثل ما يحب لنفسه.
إذا أحببت لنفسك أطايب الأطعمة، وأحسن الكسوة، وأطبب المنازل، وأحسن الوجوه، وكثرة الأموال، وأحببت لأخيك المسلم بالضدِّ من ذلك، فقد كذيت في دعواك كمال الإيمان.
يا قليل التدبير! لك جار فقير، ولك أهل فقراء.
ولك مال عليه زكاة، ولك ربح كل يوم، ربح فوق ربح، ومعك قدر يزيد على قدر حاجتك إليه.
فمنعك لهم عن العطاء، هو الرضى بما هم فيه من الفقر.
ولكن إذا كانت نفسك وهواك وشيطانك وراءك، فلا جرم لا يسهل عليك فعل الخير.
معك قوة حرص، وكثرة أمل، وحب الدنيا، وقلة تقوى وإيمان. . وما عندك خير!!
من كثرت رغبته في الدنيا، واشتد حرصه عليها. . نسي الموت، ولقاء الحق عز وجل.
يا قوم! تشبعون وجيرانكم جياع، وتدعون أنكم مؤمنون؟ ما صح إيمانكم! يكون بين يدي أحدكم طعام كثير، يفضل عنه وعن أهله، ويقف السائل على بابه، ويرد خائباً؟!
عن قريب تبصر خبرك، عن قريب تصير مثله، وتُرَدُّ كما رددته، مع القدرة على عطائه. [85- 86]
متزود ومتمتع
قال أبو محمد:
المؤمن يتزود، والكافر يتمتع.
المؤمن يتزود لأنه على الطريق، يقنع باليسير من ماله، ويقدم الكثير إلى الآخرة، يترك لنفسه بقدر زاد الراكب، بقدر ما يحمله.
كل ما له في الآخرة، كل قلبه وهمته هناك.
كان الحسن البصري رحمه الله يقول: يكفي المؤمن ما يكفي العنيزة، كف من حشف (1) وشربه ماء.
المؤمن يتقوت والمنافق يتمتع.
المؤمن يتقوت لأنه في الطريق ما وصل إلى المنزل، قد علم أن له في المنزل كل ما يحتاج إليه.
والمنافق لا منزل له، لا مقصد له.
ما أكثر تفريطكم في الأيام والشهور، تقطعون الأعمار بلا نفع.
أراكم لا تفرطون في دنياكم، وتفرطون في أديانكم!!
اعسكوا تصيبوا.
الدنيا ما بقيت على أحد، وهكذا لا تبقى عليكم. [72- 87]
المراجع
- رواه البخاري (13)، ومسلم (45).
- الحشف: أردأ التمر، ومراده هنا: الشيء القليل