مراتب الإيمان بالله
والإيمان بالله سبحانه وتعالى له أربع مراتب؛ وهي:
الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته.
المرتبة الأولى وهي الإيمان بوجود الله تعالى؛ فإن العلماء استدلوا عليه بأربعة أنواع من الأدلة، وهي: العقل، والشرع، والفطرة، والحس، وسبق الحديث عنها.
المرتبة الثانية من مراتب الإيمان بالله عز وجل هي: الإيمان بربوبيته سبحانه وتعالى:
ومعنى الإيمان بالربوبية: الإيمان بأن الله وحده هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، مالك الملك، ومدبر الأمر.
المرتبة الثالثة: الإيمان بألوهية الله عز وجل:
ومعناه: الاعتقاد والإقرار بأن الله وحده هو المستحق للعبادة دون غيره؛ فكما خلق وحده يجب أن يُعبد وحده.
المرتبة الرابعة: من مراتب الإيمان بالله عز وجل وهي: الإيمان بأسماء الله تعالى الحسنى، وصفاته العلا:
فالله سبحانه وتعالى ذات وكل ذات لا بدَّ لها من أسماء وصفات، وأسماء الله وصفاته توقيفية لا يجوز لأحد أن يُسمي الله تعالى أو يصفه إلا بما سمى الله به نفسه أو سماه به رسله، وكل ما سمى الله به نفسه، وجب الإيمان به من غير تمثيلٍ ولا تعطيلٍ ولا تكييفٍ، ولا تحريفٍ وقوفًا عند قوله سبحانه:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
[سورة الشورى: 11].
والعقيدة الإسلامية تشمل الإيمان بكل ما جاء عن الله، وعن رسول الله من الأخبار، والأحكام القطعية، والغيبيات، ونحو ذلك.
والإيمان بالله هو التصديق الجازم بوجود الله، وبأنه رب كل شيءٍ ومليكه، وأنه الخالق وحده، المدبر للكون كله، وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، وأنه متصفٌ بصفاتٌ الكمال والجلال، وأنه منزهٌ عن كل عيب، ونقص، ومماثلة للمخلوقين.
إنّ الركن الأوّل الأعظم من هذه الأركان – وهو الإيمان بالله تعالى – قد ضلّ فيه أقوام وأمم، حتى أقربهم عهدًا بهداية الرسل، وجاء القرآن فهدم معاقل هذه الوثنية وحصونها المشيدة في الأفكار والقلوب، وما كان ليتم هذا بإقامة برهانٍ عقلي أو عدة براهين على توحيد الله عز وجل؛ بل لا بدَّ فيه من دحض الشبهات، وتفصيل الحجج العقلية والعملية والمواعظ الخطابية بالعبارات المختلفة وضرب الأمثال.
لذلك كان أكثر المسائل تكرارًا في القرآن؛ مسألة توحيد الله عز وجل في ألوهيته بعبادته وحده، واعتقاد أنّ كلّ ما سواه من الموجودات سواء في كونهم ملكًا وعبيدًا له، لا يملكون من دونه نفعًا ولا ضرًّا لأحد، ولا لأنفسهم إلا فيما سخره من الأسباب المشتركة بين الخلق ([1]).
والإيمان بالله يتضمن أربع قضايا، هي: إن الله موجود بلا موجد، وأنه رب العالمين وأنه مالك الكون المتصرف فيه، وأنه الإله المعبود وحده، لا يعبد معه غيره([2]).
ويجب أن يعتقد العبد أن النفع والضر كله من الله وحده، فلا يطلب النفع إلا منه، تدعوه وحده، لا تدعو غيره، ولا تدعوه مع غيره، ولا تتخذ إليه وسيطًا، ولا تستعين إلا به أو بالأسباب التي جعلها طريقًا للنفع، مع الإقرار أنه هو النافع لا مجرّد السبب، وأن تخصه بالحب المطلق الدافع إلى الطاعة المطلقة، والخشية الدافعة إلى اجتناب ما نهى عنه ([3]).
ويجب على العبد الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلي الله عليه وسلم من غير تحريفٍ ولا تعطيل، بل يعتقدُ أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا ينفي عنه ما وصف به نفسه ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يلحد في أسمائه وآياته، ولا يكيف ولا يمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سمي له ولا كفؤ له، ولا ندَّ له، ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا ([4]).
ويجب عليه أن يؤمن بأن الله المالك لكل شيء، وربٌّ لكل شيء، والذي أحاط بعلمه كل شيء، ويقف المكلفون إزاءه على قدم المساواة، دون النظر إلى أجناسهم، أو لغاتهم أو أوطانهم أو أزمانهم ([5]).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المراجع
- الحسيني، «الوحي المحمدي»، ط1، ص 121 – 122.
- الطنطاوي، «تعريف عام بدين الإسلام»، ط1، ص 53.
- «تعريف عام بدين الإسلام»، ط1، ص 78.
- الفارس، «أهداف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب»، ط1، ص 29.
- السعدي، «دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه»، ط1، 2/589.