نفحات قرآنية .. في سورة المائدة (1)
قال تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة:3].
هذه الآية بيان للمحرمات من بهيمة الأنعام، وهي:
• ﴿ الْمَيْتَةُ ﴾: وهي التي ماتت من غير ذكاة شرعية لضررها على الآكل، ويستثنى من ذلك الجراد والسمك فإنه حلال بنص الحديث.
• ﴿ وَالدَّمُ ﴾: أي: الدم المسفوح.
• ﴿ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ﴾: وهو الحيوان المعروف وهو من جملة الخبائث المحرمة.
• ﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾: أي الذي ذكر اسم غير الله عليه، كأن ذكر اسم صنم أو ولي أو كوكب ونحو ذلك، وهذا من الشرك بالله.
• ﴿ وَالْمُنْخَنِقَةُ ﴾: وهي التي تم خنقها بحبل ونحوه.
• ﴿ وَالْمَوْقُوذَةُ ﴾: وهي التي صعقت أو ضربت على رأسها حتى ماتت.
• ﴿ وَالْمُتَرَدِّيَةُ ﴾: وهي التي سقطت من شاهق كجبل ونحوه.
• ﴿ وَالنَّطِيحَةُ ﴾: وهي التي نطحها خروف فأهلكها.
• ﴿ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ﴾: وهي التي عدا عليها ذئب أو أسد أو افترسها طير، فإذا ماتت بسبب ذلك فإنه لا يحل أكلها.
• ﴿ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾: وهي التي كانت تذبح عند الأصنام التي كانت حول الكعبة، فهذه لا تحل حتى لو ذكر اسم الله عليها، وهي أيضًا داخلة في قوله في أول الآية: ﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾.
وهنا تنبيه: يستثنى من هذه الأنواع أربعة أنواع، وهي: الموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، فإن أدركها أحد وهي لا تزال فيها حياة، أي: لم تهلك نهائيًا، ثم ذكاها فإنه يحل أكلها.
• • • •
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة:20].
أي: من نعمة الله عليهم أن صار كل واحد منهم ملكًا على نفسه فيملك أمره، وذلك بعد أن كانوا عبيدًا عند فرعون والمصريين، كما حكى الله عن فرعون في سورة المؤمنون: ﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47].
• • • •
قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة:25].
أي: يارب إنه لا قدرة لنا على قتالهم، فلا يوجد معنا أحد غيرنا، فأنا لا أملك إلا نفسي وكذلك أخي لا يملك إلا نفسه.
• • • •
قال تعالى: ﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة:26].
قال الدكتور "أحمد نوفل": إنها محرمة عليهم دائمًا وأبدًا، أما الأربعين سنة فهي مدة التيه وليست مدة التحريم.