ما الفرق بين الرياء و بين السمعة و كلاهما محرم يفسد العمل ؟
فيقال : الرياء يتعلق بحاسة البصر ، يقوم أمام الناس يصلي و يُظهر الخشوع ، يقوم أمام الناس و يُخرج الصدقة و هو يريد أن يحصل منزلةً و محمدةً في هؤلاء قلوب الناس ، فهذا الرياء .
أما السمعة فإنها تتعلق بحاسة السمع ، و عليه فالتسميع لا يكون إلا بالأمور التي تُسمع ، كقراءة القرآن و ذكر الله تعالى ، و يُلحق بها ما فعله الإنسان من الأمور التي ترى كالصلاة و الجهاد و الصدقة و ما إلى ذلك مما لم يطلع عليه أحد و لكنّه تحدث به و أخبر عنه ، فصار بذلك مُسمّعاً ، فهذا هو السمعة ، السمعة تتعلق بحاسة السمع كقراءة القرآن و الذكر و ما إلى ذلك ، أو أن يتحدث عن أعماله ، أو يكتب عنها ، أو أن يطلب أن يُكتب عنه ذلك !
و على ذلك فإنّ الرياء لا يدخل في العبادات القلبية التي لا يطلع عليها الناس ، كالخوف و الرجاء و المحبة و التقوى و التوكل و الإشفاق و تعظيم الله عز وجل و ما إلى ذلك ، هذه أمور لا يطلع عليها الناس و بالتالي فإنّ الرياء لا يدخل بها و لا يتعلق بها ، و لكن السمعة تدخلها ، كيف تدخلها السمعة ؟
تدخلها باعتبار أنّ الإنسان يتحدث ، فيُوصل إلى الناس رسائل إما بطريقة مباشرة أو بطريقةٍ غير مباشرة ، ليُعلمهم أنّه تقي ، يُعلمهم أنّه خائفٌ من الله عز وجل ، أنّه مُعظم و موقرٌ لربه و مليكه جلّ جلاله ، ليحصّل محمدةً في قلوبهم ، فيكون بذلك مُسمعاً بهذا العمل القلبي .
وهكذا إذن السمعة تتعلق بالأمور التي تُسمع ، و أعمال القلوب تتعلق بها السمعة و لا يداخلها شيء من الرياء ، و قد يقول قائل : الإنسان لربما يقوم و يُظهر الخشوع ، يَظهر الخشوع على جوارحه ، أليس ذلك من الرياء ؟ نقول : هذا الذي أظهره أثرٌ من آثار الخشوع ، فإنّ السكون الظاهر و انكسار العبد في صلاته انعكاسٌ لخشوع قلبه ، و إنّما نتحدث نحن عن الأعمال القلبية ، و هو انكسار القلب و إخبات القلب و خشوع القلب ، و بهذا يكون العمل القلبي لا يدخله الرياء و إنّما تدخله السمعة .