لماذا يذنب العبد : الخوض في فضول الكلام
سادسًا: الغفلة، فإن كثيراً من الذنوب – وبعضها من الكبائر- ترتكب لا للجهل بها وإنما للغفلة كالغيبة التي يُعلم أنها من الكبائر ووصفها الله عز وجل بأشنع الأوصاف وهي إدام أهل النار، ومع ذلك فقد أصبحت الغيبة فاكهة المجالس والمادة الرئيسية للأحاديث، فينبغي للمؤمن أن يتجنب الغفلة بترك المقدمات الموجبة لها، وإذا عرضت عليه فليخرج منها فور التفاته؛ بذكر الله تعالى،
قال عز وجل:
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}
[الأعراف:201]
فإياك والغفلة والاغترار بالمهلة، فإن الغفلة تفسد الأعمال.
سابعًا: الاختلاط الكثير مع الناس ومجالسة البطّالين، والخوض في فضول الكلام، فهذه الأمور كلها مظنة الوقوع في الذنوب والمحرمات؛ لذا ورد التحذير من حضور هذه المجالس والمشاركة في اللغو الباطل
{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ}
[المدثر:45].
وبعد هذا العرض اليسير ، لنعلم جميعاً أن للذنوب والمعاصي آثارا سيئة، وعقوبات في الدنيا والآخرة، قد جمعها ابن القيم – رحمه الله – في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي).
فمما ذكره رحمه الله: أن المعاصي توهن القلب والبدن، وتسبب محق البركات ونقص الخيرات في العلم والعمل والمال والأهل، قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: ((إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان تعلمه للخطيئة يعملها)) كما أن الذنوب تورث الذلة على صاحبها، قال سليمان التيمي – رحمه الله : إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته، ومن ذلك أنها تسبب حلول النقم وزوال النعم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: ((ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة))،
وقد قال تعالى:
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
[الشورى:30].
وإني احذر نفسي وإياكم من التساهل بمعصية الله تعالى ومعصية رسول الله – - فإن ذلك موجب لسخط الله تعالى،
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
((إياكم والمعصية، فإن بالمعصية حل سخط الله – عز وجل -))
. ولو لم يكن في ترك المعصية إلا حصول العافية، ومحبة الله تعالى، لكان جديرا بالمؤمن والمؤمنة أن يفرح بترك المعاصي، قال الحسن بن آدم – رحمه الله -: ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وقال محمد بن كعب القرظي –رحمه الله -: ما عبد الله بشيء أحب إليه من ترك المعاصي،
ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم :
((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))
. فأتى بالاستطاعة في جانب المامورات، ولم يأت بها في جانب المنهيات، إشارة إلى عظيم خطرها وقبيح وقعها، وأنه يجب بذل الجهد والوسع في المباعدة عنها، سواء استطاع ذلك أم لا، بخلاف المأمورات، واعلم أيها المسلم أن أعظم زاجر عن الذنوب هو الخوف والخشية من الله علام الغيوب سبحانه وتعالى.