الخلاص في تحقيق الإخلاص
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
آيات قرآنية وأحاديث صحيحة.. أقوال ومواقف فريدة.. لطائف ونفائس نافعة.. عبر ومواعظ مهمة؛ جمعتها في قضية عظيمة وموضوع نحتاج إليه بعدد أنفاسنا، هو " تحقيق الإخلاص " لله سبحانه وتعالى، في جميع أقوالنا وأعمالنا واعتقاداتنا، لأن العبد مهما بذل واجتهد وتعب وأدى الفرائض والطاعات وجميع العبادات، فإنه لا يحصل على الأجر إلا إذا حقق الإخلاص لله سبحانه وتعالى في عمله، وأن يكون وفق ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام.
فالقضية جِدُّ مهمة فلا نجاه إلا بتحقيق الإخلاص، وما هلك من هلك إلا بالشرك أو الرياء وحب الثناء والمحمدة، وعليه أحببت التذكير بهذه الوقفات لتكون عونا لنا ودليلا وواعظا ومذكرا لتحقيق الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وأن نتعاهد النية دائما ونُحَسِّن الطوية، علَّنا ننال مرضاة الله – عز وجل- ونحظى بقبول الطاعات، فلا خلاص إلا بتحقيق الإخلاص.
141- قال الحسن البصري: واعجباه من ألسنةٍ تصف، وقلوبٍ تعرف، وأعمالٍ تخالف.[1]
142- قال زبيد اليامي: يسرني أن يكون لي فِي كل شَيْء نِيَّة حَتَّى فِي الأكل وَالشرب وَالنَّوْم.[2]
143- قال سبحانه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة:207]،
من فوائد الآية: الإشارة إلى إخلاص النية؛ لقوله تعالى: {ابتغاء مرضات الله}.[3]
144- قال سبحانه {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة:245]،
وقوله: قَرْضاً حَسَناً حث للناس على إخلاص النية، وتحرى الحلال فيما ينفقون، لأن الإنسان إذا تصدق بمال حرام، أو قصد بنفقته الرياء أو المباهاة لا يكون عمله متقبلا عند الله، وإنما يتقبل الله العمل ويضاعفه لمن قصد به وجهه، وكان المتصدق به مالا حلالا خالصا من الشبهات.[4]
145- قال إبراهيم النخعي: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُظْهِرُوا صَالِحَ مَا يُسِرُّونَ.[5]
146- قال ابن القيم: لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.[6]
147- فليتق الله العبد، ويقصد من ينفعُه قصدُه، ولا يتشاغل بمدح مَن عَن قليلٍ يَبلى هو وهم.[7]
148- قال سبحانه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114]، وفي تقييد الفعل بكونه ابتغاء مرضاة الله، تحريض على إخلاص النية، لأن الأعمال بالنيات، وإذا صاحب الرياء الأعمال أبطلها ومحق بركتها.[8]
149- قال ابن مفلح: فَالْعَاقِلُ مَنْ اجْتَهَدَ فِي تَفْوِيضِ أَمْرِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فِي سَتْرِ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ وَكَشْفِ مَا يَجِبُ كَشْفُهُ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَتْعَبُ وَلَا يَبْلُغُ مِنْ ذَلِكَ الْغَرَضَ.[9]
150- قال ابْنَ الْمُبَارَكِ: كَتَبَ إِلَيَّ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بُثَّ عِلْمَكَ، وَاحْذَرِ الشُّهْرَةَ.[10]
151- قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5]، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَهُوَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى لَا غَيْرِهِ.[11]
152- قال أبو عبد الله الأنطاكي: من طلب الإخلاصَ في أعماله الظاهرة وهو يلاحظ الخلقَ بقلبه؛ فقد رام المُحال.[12]
153- قال عبد الله بن المبارك: مَا رَأَيْتُ أَحَداً ارْتَفَعَ مِثْلَ مَالِكٍ، لَيْسَ لَهُ كَثِيْرُ صَلاَةٍ وَلاَ صِيَامٍ، إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَ لَهُ سَرِيْرَةٌ.[13]
154- قال مصطفى السباعي: العلوم في أهدافها ثلاثة: فعلم للدار الآخرة، فإن صحِبته النية الخالصة نجَّى من النار، وعلم للدنيا، فإن صحِبته العزيمة الصادقة، نجَّى من الفقر، وعلم للهو، ففيه المهانة في الدنيا والهلاك في الآخرة.[14]
155- قال مطرف بن عبد الله: صَلَاحُ الْقَلْبِ بِصَلَاحِ الْعَمَلِ وَصَلَاحُ الْعَمَلِ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ.[15]
156- ويشعر بهذا الإرشاد تصديره- سبحانه- الآية بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}. كما يشعر به قوله- تعالى- {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ}، فإن كل ذلك فيه معنى الحض على إخلاص النية لله- تعالى- والامتثال لحكمه، والمداومة على شكره، حيث منحهم- سبحانه- هذه النعم بفضله وإحسانه.[16]
157- قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: مَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبَّ الرِّئَاسَةَ إِلَّا حَسَدَ وَبَغَى وَتَتَبَّعَ عُيُوبَ النَّاسِ وَكَرِهَ أَنْ يُذْكَرَ أَحَدٌ بِخَيْرٍ.[17]
158- قال السري السقطي: مِنَ النَّذَالَةِ أَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ بِدِينِهِ![18]
159- قال أويس القرني لهرم بن حيان: وإذا قمت فادع الله أن يصلح لك قلبك ونيتك، فلن تعالج شيئاً أشد عليك منهما.[19]
160- سأل رجل سعيد بن المسيب فقال: إن أحدنا يصطنع المعروف يحب أن يحمد ويؤجر؟ فقال له: أتحب أن تُمقت؟ قال: لا، قال: فإذا عملت لله عملاً فأخلصه.[20]
-------------------------------
[1]تنبيه المغترين.
[2]مختصر شعب الإيمان ص97.
[3] تفسير الفاتحة والبقرة للعثيمين (2/452).
[4] التفسير الوسيط للقرآن الكريم (1/560).
[5]حلية الأولياء (4/330).
[6]الفوائد ص31.
[7]صيد الخاطر ص375.
[8] التفسير الوسيط للقرآن الكريم (3/310).
[9]الآداب الشرعية (1/137).
[10]حلية الأولياء (7/70).
[11]تفسير القرطبي (20/144).
[12]منطلقات طالب العلم ص88.
[13]سير أعلام النبلاء(8/97).
[14]هكذا علمتني الحياة ص164.
[15]حلية الأولياء (2/199).
[16] التفسير الوسيط للقرآن الكريم (6/105).
[17]جامع بيان العلم وفضله (1/569).
[18]حلية الأولياء (10/116).
[19]صفة الصفوة (2/31).
[20]إحياء علوم الدين (3/296).