وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
ذكر معايب الناس التي يكرهونها مما يتساهل به البعض ولا يشعرون بالإثم وهو من كبائر الذنوب ويكفى ذماً لها وتحذيرا منها قول ربنا تبارك وتعالى
﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾
[الحجرات: 12].
فقد تحتقر مؤمناً فقيراً وتزدريه عينك... فلا ترحّب به وتشيح عنه بوجهك، وربما تهينه بكلمة صغيرة أو لفتة صغيرة، وقد يكون ذلك موضع سخط الله سبحانه وتعالى، وأنت لا تعلم، لأنّك تتصوّر أن الذي يغضب الله، هو أن تزني أو تسرق أو تخون، أما أن تذلّ مؤمناً وتسبّه وتشتمه وتحقّره، فليس في ذلك ضير؟؟؟؟؟
أخي إياك من ذنوب تحسبها هينة وهي عند الله عظيمة يخاطب أنس - رضى الله عنه - التابعين بقوله " إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُوبِقَاتِ" رواه البخاري (6492) فكيف بحالنا الآن.
إن معرفة الذنوب – بمداها الواسع ومراتبها الكثيرة بحسب مستويات الأشخاص- وتحصيل القدرة على اجتنابها –صغيرها وكبيرها- مما يهتم به الساعون إلى الكمال، لذا فقد شُغل حيز كبير من القرآن الكريم ببيان الذنوب وآثارها في الدنيا وعاقبتها في الآخرة والتحذير منها وبيان ما يكفّرها ويزيل آثارها، وقصص الأمم التي عكفت على المعاصي ولم تجتنبها وما حلّ بها من العذاب بسبب ذلك، والحياة السعيدة لمن اجتنبها، ولو حاولنا جمعها لوجدنا أن القرآن الكريم كله يعالج هذه القضية بشكل مباشر أو غير مباشر.