المشركون ما كانوا يعبدون الأصنام لذاتها
المشركون ما كانوا يعبدون الأصنام لذاتها
وأن الأصنام والأنصاب والتماثيل والأوثان (كاللات والعزى ومناة ويغوث ويعوق ونسر) إنما كانت تمثل أولئك الأولياء والصالحين بحملها أسماءهم، فهم (أي المشركون الأولون) لا يعبدون هذه الأصنام والتماثيل لذاتها، وإنما يعبدون الأشخاص المتمثلين فيها، مما يظنون بهم خيرًا، ويعتقدونهم أولياء وصالحين تمامًا كما يفعل القبوريون الآن.
وبهذا يتضح لك أن الفريقين – القبوريين والمشركين الأولين – يتساوون من حيث عبادة الأولياء، والفرق الوحيد بين الفريقين هو أن المشركين كانوا يعكفون حول التماثيل والأنصاب التي تحمل أسماء أوليائهم ويقصدونها ويتوجهون إليها، والقبوريون اليوم يعكفون حول القبور والتوابيت والأضرحة والمشاهد التي تحمل أسماء أوليائهم ويقصدونها ويتوجهون إليها، على أن المقصود الحقيقي ليس تلك الأنصاب والتماثيل، ولا هذه القبور والتوابيت والمشاهد، وإنما المقصود من تحمل أسماءهم تلك الأنصاب والتماثيل أو هذه القبور والتوابيت.
فلو سألت اليوم أحد القبوريين العائدين للبدوي – مثلا – من أين أتيت ؟ لقال لك جئت من عند سيدي البدوي، بينما هو – في الحقيقة – لم يأت من عند البدوي ولم يسبق له أن عرفه أو رآه، وإنما أتي من عند القبر أو التابوت الذي يحمل اسم البدوي، نفس الشيء الذي كان عليه المشركون الأولون الذين لم يذهبوا – في الواقع – إلى (اللات أو يغوث أو يعوق ذاتهم) وإنما ذهبوا وتوجهوا إلى الأنصار والأصنام والتماثيل التي تحمل أسماء هؤلاء الأولياء أو من يظنون أنهم أولياء.